الجمعة, مارس 14, 2025
الرئيسيةمقالاتالبرهان بين ميادين النزال وساحات الآمال .. ...

البرهان بين ميادين النزال وساحات الآمال .. بقلم د.إسماعيل الحكيم


الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد حرب الكرامة قبل أن يكون قائداً للجيش ، لم يكن قائداً في قائمة القادة العسكريين فحسب ، بل هو رجلٌ تجسّدت فيه معاني القيادة الحقيقية والشجاعة النادرة ، حيث لم يكتفِ بالإشراف على المعركة من بعيد ، بل اختار أن يكون مع جنوده في الخطوط الأمامية خطوة بخطوة ، يشاركهم الميدان نصراً وإنتصاراً ، يثمن تضحياتهم ، ويُحيي صمودهم . وهذا الحضور ليس دعماً معنوياً وكفى ، لكنه تأكيدٌ على أن القائدَ الحقَّ لا يطلب من جنوده ما لا يفعله بنفسه، ولا يُلقي بهم في المعركة ليظلَّ هو في مأمنٍ خلف الأسوار الآمنة .
ففي تاريخ الأمم ، لا يُخلَّد القادة الذين جلسوا في الأبراج العاجية وأصدروا الأوامر من خلف المكاتب، بل يُخلَّد أولئك الذين نزلوا إلى ميادين المعركة وخاضوا لهيب النزال ، وساروا مع جنودهم قدماً بقدم وكتفاً بكتف ، يقاسمونهم الدواس كما يقاسمونهم النصر . هؤلاء هم القادة الذين لا تُشترى هيبتهم بالمناصب ولا إنتماءتهم بأي ثمن ، بل يكتَبون بدمائهم وعرقهم في ساحات الشرف والتضحيات .
وحينما يكون القائد بين جنوده ، يشعرهم أن النصرَ بات أقرب بإذن الله وهم أهله وأحق به ، وأن التضحياتِ التي يقدمونها تجدُ منه حقَّ التقدير. وحينما يكون القائدُ بين شعبه ، يُدركون كمواطنون أنهم ليسوا متروكين في معركتهم المصيرية لحالهم ، بل هناك رجلٌ يقود المسيرة وخلفه رجال ، يُشاركهم آلامهم وآمالهم ، يشكر لهم وقوفهم مع جيشهم ، ويبشرهم بأن الصبرَ على المحنة ليس إلا مقدمةً للنصر القادم من عند الله وباذنه سبحانه وتعالى .
وهكذا نرى الفريق البرهان ليس قائداً عسكرياً فحسب، بل رمزاً لوحدة المقاتل مع قائده، والقائد مع شعبه. فحين يزور الجبهات ويتفقد سير المعركة بنفسه لا يخشى إلا الله ، فكأنه يشدُّ على أيدي الرجال الصامدين ، ويُحيي الأبطال الذين يسطرون بدمائهم فصولَ المجد ، ويُذكّرهم بأن تضحياتهم لن تضيع سدي ، بل هي الطريقُ إلى سودانٍ أكثر عزّةً وكرامةً وأمناً. وحين يظهر بين أبناء الوطن هنا وهناك ، يُدرك الجميع أن الحرب ليست معركة الجيش وحده، بل هي معركة أمةٍ بأكملها، ترفضُ الخضوع، وتقاتلُ من أجل حريتها.
وفي المقابل، فإن هذا المشهد يثير جنون الأعداء والمرتزقة ، ويملأ قلوب العملاء والخونة غيظاً، لأنهم يعلمون أن ما يفعله البرهان هو ما عجزوا عن فعله . وإن مليشيا الدعم السريع التي ولدت من رحم الخيانة والغدر ، لا تملك قائداً يثق بجنوده، ولا جنوداً يثقون بقائدهم، فهم جيشٌ بربري بلا روح، ومرتزقةٌ بلا عقيدة . وأما الذين اختاروا الخيانة موقفاً ، ووقفوا في صف الأعداء ، فلا تزيدهم هذه المشاهد إلا حقداً وغيظاً ، لأنهم يدركون أن المشروع الذي يخدمونه آيلٌ إلى السقوط والزوال ، وأن السودانَ لن يُحكمَ إلا بأيدي أبنائه الشرفاء ما دامت فيهم أعين تطرف وقلوب تنبض .
وحين يتقدم القائد صفوفَ المقاتلين متفقداً لهم ، وحين تلتفُّ الأمةُ حول جيشها وقائده ، فليس مشهداً عابراً أو ظهوراً إعلامياً ، إنما هو إعلانٌ بأن النهاية قد اقتربت ، وأن الظلمَ لا يمكن أن يصمدَ أمام الحق مهما طال الزمن. وأن حرب الكرامة ليست معركة سلاحٍ فقط، بل هي معركةُ إرادة وهوية ، ومن كان قائدهُ في الميدان ، وجيشه يقاتل بعقيدة عنوانها الله والوطن، وشعبه يؤمن بقضيته ومجده ، فلا خوفَ عليه ، ولا شكَّ في نصره.
إن هذه الحربَ ستنتهي بإذن الله طال زمانها أو قصر ، لكن التاريخ لن ينسى من وقف في صف الوطن ، ومن خانَه، ومن قاتلَ من أجل عزته، ومن باعه بأبخس الأثمان. وحين يُرفعُ علمُ السودان منتصراً، سيعرف الجميع أن النصرَ لم يكن صدفة، بل كان ثمرة قيادةٍ تؤمن بجنودها، وشعبٍ يؤمن بجيشه، وقضيةٍ عادلةٍ لا تعرف التراجع. حفظ الله السودان قيادةً وشعباً ..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات