سعدت أيما سعادة رغم الظروف الإستثنائية والخاصة التي تمر بها بلادنا ، عندما تم إختيار الصحفي المبدع المطبوع ، الأستاذ وجدي الكردي ، مديراً عاماََ لإذاعة “بلادي” الفتية ، لأنني أعرف قدرات وإمكانيات الأستاذ وجدي الكردي ، وقد إلتفت إلى قدراته قبل أن أتعرف عليه شخصيا ، وسعيت ذات يوم لإستقطابه ليكون ضمن كوادر صحيفة “آخر لحظة” عندما كنا نعد لإصدارها في العام 2007 م ، شراكة بين الأساتذة الباشمهندس الحاج عطا المنان كرجل أعمال ذكي ، والأستاذ الراحل حسن ساتي الصحفي السوداني الكبير ، رحمه الله ، والأستاذ الهندي عزالدين الصحفي والكاتب الموهوب ، والأستاذ علي فقير عبادي وشخصي الضعيف ، لكن وجدي إعتذر وقتها ووجدت له العذر لأن التجربة كانت جديدة في طور التنفيذ .
وسعدت بعد قرار تعيين الأخ الكريم الأستاذ وجدي الكردي ، بقرار تعيين الأخت الكريمة الأستاذة هيام الطاهر ، وهي إذاعية موهوبة تعرفت عليها وهي في بدايات عملها الإذاعي ، إذ قدمت لي برنامجا إذاعيا كنت أعده للإذاعة السودانية في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي ، بإسم “نادي الصحافة ” من إخراج المخرج الإذاعي المتميز الأستاذ عمر عثمان الجاك ، ثم إنتقل نشاطها إلى التلفزيون مع المخرج صاحب الرؤية الفنية الأخ الأستاذ صالح مطر ، وعملت معنا في عدد من البرامج من بينها برامج مع الاستاذة يسرية محمد الحسن ، لينقطع تعاونها بعد ذلك مع التلفزيون وتعود إلى “هنا أم درمان” ومنها إلى هيئة إذاعة وتلفزيون الخرطوم ، ثم إلى قناة النيل الأزرق ، فراديو الرابعة وعودة لتلفزيون السودان ، قبل أن تكسبها قناة الشروق .
إذا المدير الجديد لإذاعة بلادي ونائبته ، من الخبرات الإذاعية بل الإعلامية الشاملة ، وهذا لعمري مكسب كبير لإذاعة كبيرة ، لي معها تجربة كبيرة.
وعندما كانت الإذاعة جديدة وليدة في العام 2017 م ، كانت قد بدأت بثها الرسمي بعد فترة بث تجريبي إستمر لأسابيع طويلة ، وبعد دراسة إستغرقت زمناً طويلاً ، وتغير خلالها الأسم المقترح (إذاعة وطني) أو الإذاعة الوطنية ، إلى (بلادي) وهو إسم عميق ذو دلالات عظيمة ، وقد ذكرني أول ما سمعت به ، نشيد مدرسي في المرحلة الأولية ضمن كتاب الأناشيد المدرسية ، ما زلت أحفظه حتى هذا اليوم ، وأحسب أنه للشاعر المصري “محمود صادق”، وكان نشيداً وطنياً ذات يوم لمصر الشقيقة يقول مطلعه :
بلادي بلادي فداك دمي
وهبت حياتي فدًى فأسلمي
غرامك أول ما في الفؤاد
وذكراك آخر ما في فمي
سأهتف باسمك ما قد حييت
تعيش بلادي ويحيا الوطن ..
الإذاعة الجديدة الوليدة آنذاك وقف على رأسها مديراً عاماً المهندس “عبد الرحمن إبراهيم عبد الله”، وهو شاب صاحب أفق ورؤية ، تعرَّفت عليه منذ عدة سنوات ، عندما جاء مديراً للمركز السوداني للخدمات الصحفية ، المعروف اختصاراً ب(اس أم سي) ، وكانت له لمساته وبصماته الواضحة في أداء وعمل المركز ، ثم إنتقل للعمل بسفارة السودان في القاهرة ، فكان نعم الرجل كفاءة وعملاً ، ليعود إلى السودان ويبدأ هذا المشروع الكبير .
عاون مدير إذاعة “بلادي” في عمله آنذاك طاقم إداري وفني كفء ، ويكفي أن يكون من بين أعضاء ذلك الطاقم صديقنا الفنان والمخرج المبدع الأستاذ “شكر الله خلف الله”، مستشاراً فنياً وبرامجياً ، جعل للإذاعة الوليدة ساقين تسابق في مضمار (الإف أم) الذي لا يقبل الوهن .. ولا يقبل الضعف .
(إذاعة بلادي) على الموجة (96.6) إف أم ، تشرَّفت بأن طلب القائمون بأمرها أن أعد وأقدم برنامجاً توثيقياً عن الشخصيات السودانية من خلال الإستضافة والحديث عن النشأة والتاريخ ، وكان أول ضيوفنا الشيخ الجليل والأستاذ الكبير “أحمد عبد الرحمن محمد” ، الذي أحدث اللقاء معه ضجة كبيرة منذ أن بدأ بث الحلقة الأولى ، وفيه إعترافات توقفنا عند بعضها ، وتجاوزنا بعضها الآخر ، لكنها تتصل جميعها بالحياة في فترة الثلاثينيات وما تلاها من فترات ، وتتصل بتاريخ الحركة الوطنية ونشأة الحركة الإسلامية السودانية ، وعلاقة الأستاذ “أحمد عبد الرحمن” بكل ذلك ودخوله إلى دهاليز السلطة .
إذاعة (بلادي) تنتشر في مستوى سماع عريض يمتد إلى (18) مدينة ، ولها مراسلون في كل تلك المدن ، وتتميز عن غيرها من الإذاعات بأن كل السودانيين يجدون أنفسهم في موجتها العريضة ، وحتى إن فواصلها الغنائية تجدها متنوعة وتختلف ، إذ تبث من كل منطقة لحناً أو أغنية ، وبرامجها خبرية مباشرة أو تتوسع قليلاً من ناحية الخبر نحو التحليل ، وكذلك بقية البرامج الثقافية والدينية والفنية والسياسية .
سألني المهندس “عبد الرحمن إبراهيم عبد الله”، مثلما سألني الأستاذ “شكر الله خلف الله”، عما أرى أنه ينقص هذه الإذاعة الوليدة في ذلك الوقت ، فأجبت على كليهما بأن الذي ينقصها هو الترويج ، وهي تحتاج إلى لافتات طريق تركز على رسالتها وبعض برامجها ونجومها ، أو ما يسمى بال(PUT DPPR) وهو مهم في مثل حالة هذه الإذاعة الوليدة الجديدة ، لأنه يرسِّخ موجتها في أذهان الكثيرينع.. وإعلان الطريق حتى وإن كان أعلى تكلفة من قيمة بعض الإعلانات الأخرى ، لكنه سريع الرسوخ في الأذهان ، خاصة إذا إنتشرت اللافتات على مستوى الشوارع الرئيسية ومداخل الكباري ، وبقية مدن السودان ، وبعد أن يتابع المستمع تلك الموجة ، يصعب عليه الفكاك من متابعتها.. ليتهم جربوا هذه الوسيلة .
الآن الإذاعة وبعد رحيل مديرها السابق الإذاعي المتمرس صديقنا العزيز الراحل عبود سيف الدين ، تبدأ مرحلة جديدة ، بلمسات فنية ورؤية إعدادية وبرامجية وإخراجية جديدة ، ونتفاءل كثيراً بأن على رأسها الآن الصحفي المبدع الأستاذ وجدي الكردي ، والإعلامية المقتدرة الأستاذة هيام الطاهر .. ونسأل الله أن يتحقق النصر لنا ولبلادنا ، ونعود إلى متابعة منصاتنا الإعلامية بكل جوارحنا ، ونقول لإذاعة “بلادي” مبارك هذا النجاح مقدما.
sagraljidyan@gmail.com