الخميس, أكتوبر 30, 2025
الرئيسيةمقالاتالراهن الأسوأ.. الحصاد صفر سعد محمد أحمد.. يكتب...

الراهن الأسوأ.. الحصاد صفر سعد محمد أحمد.. يكتب…

الراهن الأسوأ لم يجعل لنا ما نقدمه للقراء سوى أن نعيد قراءة في إرث ما نشرناه من قراءة كانت للحاضر والمستقبل ومالاتها لم يتركوا لنا أي جديد سوى ميلاد كثير من الازمات لمذاكرة مقال نشرناه في 28اكتوبر 2016 كأننا نتحدث عن الراهن لأننا ابتلينا بوباء لا مناعة ولا دواء له حيث امتلأت قنوات فضائية بظاهرة الخبير الاستراتيجي من هواكر الجنرالات يفهم في كل شي ليعمق الجروح ويزيد النار اشتعالا ووسائل التواصل الاجتماعي بصحافة (القونات ) كل يقدم فتواه حسب طلب الكفيل وهنا تكمن أزمة البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

★الحصاد صفر★
عند اليونانيين أسطورة إسمها «القبلة الاخيرة التى أنقذت العالم من الطوفان» وتحكى عن حبيبين «ديوكالين وبيرها» فى اللحظات الاخيرة من العصر الحديدى الذى قرر فيه «زيوس» أن يغرق العالم فطفح الماء ليغطى كل شئ ووصل إلى القمة التى يقف عليها الحبيبات وفى لحظة الحب الوداعية تلك نظر العاشق العينيين الحضراويين للمحبوبة وهي تقول له. لن أدع يديك تفلت من يدي وأراد أن يقبل تلك اليد لكن الحبيبة أبت إلى أن تذهب «القبلة الثمينة الخالدة إلى مكانها الخالد المقدس» فلما كان لها ما أرادت رق قلب «زبوس» ورهطه وتراجعوا عن قرار إغراق الارض اكراما لتلك القبلة الصادقة التى ولدت تحت هاجس الخوف من الفقدان. وإن كان الحب هي الحالة المضادة للعقل فجماليته وفجائيته تكمن فى أنه مرآة للعمي.
إذ تحاول الاساطير اليونانية أن تجيب على أسباب الربط بين الحب والعمى حيث تروى لنا اله الحب واله الجنون حيث كانا صديقين حميمين ولكنهما إختلفا وقامت بينهما معركة حامية إنتهت بان خرج منها اله الحب وقد فقد بصره فانعقد لذلك مجلس الالهة على هيئة المحكمة وبعد التحقيق والمداولة تقرر أن يعاقب اله الجنون على جناينه بأن يقود اله الحب الاعمى مدى الحياة وقد عبر عن ذلك اله الحب قائلاً «مساكين أهل الحب إنهم يتبعون أعمى يقوده مجنون».
أسطورة الحوار نصف سحرها فى لغتها ونصفها الآخر فى رموزها البدائية التى تخاطب أعمق مافينا من حب الوطن وتستبد شغفنا لتفاصيلها واشكالية الدقة المعرفية والمعلوماتية فى تجميلها وازالت قبحها بالمساحيق تلك كانت دور صحافتنا المرئية والمسموعة والمقروءة التى إبتلينا بها بوباء يبدو أن لا مناعة أو دواء له حيث إمتلئت قنواتنا وصحفنا بظاهرة الخبير التجميلى الذى يفهم فى كل شئ لنجد حضرة الدكتور الخبير يقدم فتواه وأن ذكر بعضها فأغلبها خطأ ومضلل اهم مؤهلاته تاكيد الموقف السياسي لاصحاب السلطة أو تفصيل مداخلاته على مزاج المسؤولين مهما بلغ تضليله أعلى مراحل الكوميديا المشاهدة نافثا فتاويه فى كل حاجة من الصحة للإقتصاد للسياسة لدم الحيض.
ولا يمتد أفواه هؤلاء الخبراء لكي تعرف الناس حقيقة الازمة فى السودان من فتاويهم ووصاياهم والايادى التى تعبت بمقدرات البلاد والتى تعمل فى تجارة الحرب الاهلية والايدى التى تخرب وتصل إلى أضعف مافي الارواح من قوت البنى ادم وصحته وتعليمه وجوعه وفقره وعلاجه ودوائه.
كانت تلك قصة اعلام الحوار التى توثبت له أهل الحوار واهل النظام ومواليهم دون ان تمخض عن نتيجة تستاهل الوثوب أصلا. توصيات الحوار التى لم تخرج من إطار دستور السودان الانتقالى لعام 2005م والذى تم مواراته الثرى. كل هذا كان لا يحتاج إلى عدد إجتماعات بلغت 312 إجتماعاً والمشاركون 648 عضواً فى اللجان وانقضاء 10174 ساعة نضم وعدد الخبراء المساندين والموالين للتوالى بلغ 43 خبيراً هذه حصيلة الشفافية وما أفشي من دهاليز الحوار ولم يفشى حقيقة الازمة فى حد ذاتها وكم بلغت ميزانية الصرف التى رصدت للحوار والنثريات التى تم صرفها وتذاكر السفر والفنادق وفى أي بند من بنود الموازنة على مدى السنوات أجيزت هذا البند ليصبح هذا الصرف وهذا الاتفاق الذى لا يخشي من الفقر ليصير هذا الانفاق دون مردود عبئاً يطارد فقراء بلادنا فى شكل جبايات وضرائب لتكتمل الاسطورة قصتها بحشود مليونية على شاكله أمان السودان والتاريخ يعيد نفسه وفق مضابط الحضور والانصراف حشود جبرية من عاملى الخدمة المدنية والالزامية والطلاب بتعطيل التعليم والانتاج لتصبح فرحا دون مناسبة وضوضاء بغير نور.
هكذا يعترى الوضوح أسباب فشل الحوار القديم الجديد المتجدد سوى تعميق الجراح والذى فشل فى إستقطاب المعارضة الحية والحركات المسلحة لتنزف أرض بلادنا الدم. والتى لا التباس فيها فيما تخص ازمة الدولة السودانية كدولة وازمة المواطنة ومازق النظام ومواليه وبقية مكونات الشعب السودانى. ثم ما الذى تضمنته مخرجات الحوار بعد كل تلك السنوات إنها تأكيد الموجود فى غياهب الأدراج دون الفعل. وكأنهم لا يدرون أن اي حوار لا معنى له إذا لم تتبعه اليات الازمة والصراع فى طريق حل بوقف نزيف الحرب وتدهور قيمة العملة الوطنية ورد المظالم والحقوق ماذا تعنى تكرار المكرر وقوانين موجودة اصلا فى أدبيات السياسة السودانية ومدونة منذ عقود الاشكال تكمن فى إنتهاك الدستور وهذه القوانين وفصل السلطات من قبل مشرعيها وايقاف هذا العبث ووضع حد له ثم أين الحرية والشفافية والمساءلة والمحاسبة على أرضية الراهن السياسي والاجتماعى على المراقب أن يعى أين يتموضع الاختلاف بين السلطة والمؤلفة قلوبهم من جهة والمعارضة الحقيقية والناس الغلابة من جهة أخرى.
حيث تتعلق السياسة بالفضاء العام تتعدد الاراء يدور النقاش والتواصل وتبادل الاراء الحاجة إلى تسوية أو تسويات دون حجر وهذه تحتاج إلى مستحقات من حرية وشفافية وعدم الاملاء والتوصيات المعلبة. فى بيئة مهيئة وارضية صالحة بلا أوصياء تتكافا فيها الفرص التى فقدتها هذا الحوار وإختيار الممكن بينها والممكن واحد من خيارات أخرى متاحة كل منها تحتاج إلى تسوية كل تسوية تعنى أن كل طرف فى العلاقة يتخلى عن جزء مما يعتبره حقا أو حقيقة فى سبيل الوصول إلى نقطة مشتركة دون أن ينقسم المجتمع وهذا ما اختاره اهل النظام حيث يصير أخذ القرار مستحيلا مع القمع والاستبداد الساسية نقيض الاستبداد. وبديل الحرب الاهلية هى إحلال السلم الاهلى مكان العنف المسلح. ومع هذا يكتفى الكثير من الناس بالاخلاق ويبعدون عن السياسة يصبح العزوف ضرورة مع الاستبداد والاستبداد يلغى السياسة لكنه لا يلغى الاخلاق يؤكد عليها ولئن غايات مشبوهة ولو ذهب القوم فى بداية طريق الحوار بحثا عن الفلتان من السفينة الايلة للغرق بما فيها وللنجاة لما يحدث للتوائم من التنظيمات الشقيقات فى أقليمنا الربيعى ولالباس التنظيم الجامع قناعاً من توب جديد فى هذا الفعل تاكيد المصادرة للاخلاق يجعلها خاضعة لاعتبارات خارجية وقسرية إذن لابد من الوقف بان اعلان مخرجات الحوار تأكيد للمؤكد ودون أن يدرى أوقع النظام نفسه فى مختبر مما جنته بنفسه وأمامه طريقان لا ثالث لهما وهنا يبرز الاخلاق بموجبه وسلبه أما أنفاذ التوصيات لابد من الاستجابة للمحاسبة والاستجواب واما أن يغض الطرف وهناك يكشف النظام الاعيبه امام المجتمع الدولى والسودانى وعليه ان يتحمل نتيجة هذا العبث.
وتتحول الدولة الى سلطة مجرد سلطة تحكم بالقمع والاكراه اما الدولة ا لحديثة هي الاطار الناظم للمجتمع هي المجتمع السياسي هي التعبير عن الذات عن الضمير عن الوجود الانساني. حضوع الانسان لسلطة من خارج الذات هو إستنباع الانسان لما هو خارج ذاته هو جعل الانسان اداة لغيرة.
أن ما نعانيه اليوم هو تبرير النخب عزوفها السياسي بالاحتماء وراء الاخلاق لانها لا تدرك معني الدولة لا تدرك من السياسة إلا معنى الصراع على السلطة هي في نهاية التحليل تخضع للسلطة الجاثمة فوق صدور الناس السلطة التى تخنق الوعى وتمنع السعي وتشل مجتمعنا العزوف السياسي ادى إلى جمود اخلاقى وإلى شلل فكري مازلنا نردد الافكار ذاتها فى حين أنها أثبتت فشلها توقفنا عن السوال والتساول حول المصطلحات والمفاهيم الشائعة ليس الاختلاف بين السياسة والاخلاق اختلافا بين النظرية والممارسة بل هو تعبير عن فقر اخلاقي وروحي تنقاد لما هو شائع. ليس لدينا العزم للخروج على المالوف من غيرنا فى العالم يدعو إلى خصوصية دينية أو ثقافية فى العلوم المادية والانسانية وحقوق الانسان؟ اليس فى ذلك استسلام للماضي ولما يسمي بالتراث والثقافة الموروثة وهل لوجودنا معني دون أن نتجاوز ما نحن عليه وماكنا عليه؟ وهل يمكن التجاوز دون الوعي والسعي؟ وهذا ما يمنحنا الفرصة للخروج من المالوف هو اولوية السعي عن الاستسلام أولوية التجاوز لانفسنا عزوف سياسي يعود إلى جمود أخلاقي كل منهما يلغي امكانية التجاوز.
أن رحم قيادة التجاوز في بلادنا حبلى بشباب يضحى وفى مركزية الاطباء قدوة تجاوز تنظيمات الولاء والتوالى التى عجزت أمام ارادة الناس فكان النصر حليفهم.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات