البيان رقم (12/2025)
التاريخ: ٢٨ أكتوبر ٢٠٢٥
⸻
البيان العربي
يعرب برنامج شرق أفريقيا والسودان في مركز فوكس للأبحاث (السويد) عن إدانته البالغة وقلقه العميق حيال الانتهاكات الواسعة والجرائم المروعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع (RSF) والمجموعات المسلحة والمرتزقة الأجانب المتحالفة معها في مدينة الفاشر ومحيطها، وذلك بعد شهور من الحصار الكامل والتجويع الممنهج الذي فُرض على المدينة من جميع الاتجاهات.
وقد انتهى هذا الحصار المدمّر بسقوط الفاشر في ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٥، بعد مقاومة بطولية من القوات المشتركة وسكان المدينة، لتتحول خلال اليومين التاليين إلى مسرح لعمليات قتل جماعي، وإعدامات ميدانية، وجرائم نهب وانتهاكات مروعة ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي الإنساني ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
تشير المعلومات الموثوقة وشهادات ميدانية حصل عليها البرنامج من مصادر داخل المدينة إلى أن عدد القتلى المدنيين تجاوز الألفي شخص خلال ٤٨ ساعة فقط من دخول قوات الدعم السريع، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.
ووفقاً لشهود عيان، نفذت القوات المهاجمة حملات تطهير ممنهجة على أساس الهوية القبلية، استهدفت أحياء الزغاوة والسلام والشمالي، حيث تم اقتحام المنازل بيتاً بيتاً، وإعدام الأسر بالكامل دون تمييز.
كما سُجّلت عمليات اغتصاب جماعي وعنف جنسي بحق نساء وفتيات، ارتكبها عناصر الدعم السريع ومقاتلون أجانب يُعتقد أنهم قدموا من تشاد ومالي والنيجر.
وأكد أطباء محليون أن العديد من الضحايا أُعدموا من مسافة قريبة، فيما نُقلت جثث إلى مواقع مجهولة لإخفاء الأدلة، بينما تُركت جثث أخرى في الشوارع دون دفن.
وفي ٢٧ أكتوبر ٢٠٢٥، وثّق البرنامج قيام قوات الدعم السريع بنقل عدد من المعتقلين من داخل مدينة الفاشر إلى جهة يُعتقد أنها نيالا، إلا أن فرق الرصد الميدانية لم تتلقَّ أي تأكيدات بوصولهم، مما يثير مخاوف جدية من تعرضهم للإعدام أو الإخفاء القسري.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور عبدالناصر سلم حامد، كبير الباحثين ومدير برنامج شرق أفريقيا والسودان في مركز فوكس للأبحاث (السويد)، أن:
“نحن نواجه في الفاشر عمليات إعدام جماعي ممنهجة تستهدف المدنيين والأسرى على أساس الهوية والانتماء. ما يجري جريمة إنسانية مكتملة الأركان تُنفذ في ظل صمت دولي وتواطؤ إقليمي مقلق، بينما يُستخدم التعتيم الإعلامي كسلاح لإخفاء الحقيقة.”
كما تعمدت قوات الدعم السريع قطع خدمة “ستارلينك” والاتصالات العامة عن المدينة بالكامل فور دخولها، في محاولة واضحة لـ منع تسريب الصور والفيديوهات التي توثق الإعدامات والانتهاكات الجارية.
هذا التعتيم المتعمد يشكل سلوكًا ممنهجًا لإخفاء الأدلة وعرقلة العدالة، ويكشف عن نية مسبقة لارتكاب الجرائم في الخفاء.
⸻
الانتهاكات التي تم توثيقها حتى الآن:
• القتل العمد والإعدامات الميدانية للمدنيين والأسرى.
• القتل على أساس الهوية والانتماء القبلي.
• الاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب.
• النهب الممنهج للممتلكات العامة والخاصة.
• تدمير المستشفيات والمراكز الصحية ومخازن الإغاثة.
• منع المساعدات الإنسانية واستخدام التجويع كسلاح حرب.
• الإخفاء القسري والإعدامات خارج نطاق القانون.
⸻
الوضع الإنساني:
تعيش المدينة اليوم كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ انقطعت الإمدادات الغذائية والطبية بعد نهب مخازن برنامج الغذاء العالمي (WFP) وتدمير المستشفيات، مما ترك أكثر من 200 ألف مدني مهددين بالمجاعة والأوبئة.
كما تعرّض المستشفى التعليمي ومستشفى النساء والأطفال لقصف متكرر بالطائرات المسيّرة، ما أسفر عن مقتل العشرات من الأطباء والمرضى في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.
⸻
المطالب العاجلة:
1. عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع لبحث الجرائم المرتكبة في الفاشر واتخاذ تدابير لحماية المدنيين.
2. تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتقصي الحقائق وجمع الأدلة حول جرائم الحرب والإبادة.
3. فرض حظر شامل على توريد الأسلحة إلى قوات الدعم السريع والداعمين لها.
4. فتح ممرات إنسانية عاجلة لنقل الجرحى والنازحين وتأمين الإمدادات الطبية والغذائية.
5. إحالة المسؤولين الرئيسيين عن الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية.
“الفاشر اليوم ليست مجرد مدينة منكوبة، بل مرآة لضمير العالم. قطع الصوت عنها لا يخفي الجريمة، بل يفضحها أكثر.”
⸻
ملاحظة:
صدر هذا البيان باللغتين العربية والإنجليزية في آنٍ واحد لتوزيعه على وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية.
⸻
حقوق الطبع والنشر:
© 2025 مركز فوكس للأبحاث – السويد. جميع الحقوق محفوظة.
⸻
الملخص التنفيذي:
يقدّم هذا البيان خلاصة ميدانية وتحليلية أولية حول ما شهدته مدينة الفاشر ومحيطها من انتهاكات جسيمة منذ سقوطها في 26 أكتوبر 2025 بعد شهور من الحصار الكامل.
تشير المعلومات التي جمعها البرنامج إلى ارتكاب قوات الدعم السريع عمليات قتل جماعي، وإعدامات ميدانية، وجرائم تطهير إثني وعنف جنسي ونهب واسع، مع تعمّد قطع الاتصالات لإخفاء الأدلة.
يؤكد البيان أن هذه الجرائم قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويدعو إلى تحقيق دولي مستقل وإحالة المسؤولين عنها إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفتح ممرات إنسانية عاجلة لحماية المدنيين.
⸻
عن المركز:
مركز فوكس للأبحاث – السويد هو مركز بحثي مستقل يُعنى بتحليل النزاعات، وحقوق الإنسان، والحوكمة في منطقة القرن الأفريقي والسودان.
يعمل المركز من خلال برامجه الإقليمية على توثيق الانتهاكات، وإنتاج دراسات تحليلية ميدانية، ودعم مسار العدالة والمساءلة الدولية.
⸻
✍️ التوقيع:
الدكتور عبدالناصر سلم حامد
كبير الباحثين ومدير برنامج شرق أفريقيا والسودان
مركز فوكس للأبحاث – السويد
