دائماً ما أدخل في حوار ممتع مع أستاذي الجليل الدكتور نصر الدين شلقامي رئيس مجلس إدارة الجهاز القومي لحماية المستهلك. وخلال حديثنا، نتطرق إلى العديد من القضايا التي تهم المستهلك السوداني، ونبحث سبل الحفاظ على حقوقه وتوعيته بواجباته. ومن المهم أن نؤكد أن المستهلك، كما له حقوق، له واجبات أيضًا يجب أن يلتزم بها.
في سياق حديثنا، أشار د.شلقامي (أبو المستهلك السوداني) إلى ممارسة شائعة في الدول المتقدمة، حيث يقوم أصحاب المحلات الكبيرة بتخصيص سلال لجمع السلع الغذائية التي اقتربت صلاحيتها من الانتهاء. وهي عملية تؤكد الإلتزام بالمسؤولية الاجتماعية، و هي أيضًا إجراء وقائي يحمي المستهلكين من استهلاك مواد قد تكون غير صالحة.
وأضف إلى ذلك، أن مراجعة التجار لفترات صلاحية المواد الغذائية أمر مهم وضروري. فعندما يقوم التجار بوضع السلع والمواد الغذائية التي تبقت لها فترة صلاحية بسيطة في مكان بارز، مع كتابة سعرها القديم والتخفيض للسعر الجديد بوضوح، فإنهم يحققون خدمة مزدوجة. أولًا، يقللون من هدر المواد الغذائية بسبب انتهاء فترة صلاحيتها، وثانيًا، يقدمونها بسعر مناسب للمستهلك. وهذا يتوافق مع المثل السوداني الشهير “المال تلتو ولا كتلتو”، حيث يفضل البيع بسعر مخفض على رمي المواد الغذائية وتكديسها دون فائدة.
وفي هذا السياق، يمكننا أن نستفيد من تجارب بعض الدول العربية في مجال حماية المستهلك وتعزيز ثقافة الاستهلاك المسؤول. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، تُجرى حملات توعوية مكثفة حول أهمية التحقق من تاريخ صلاحية المنتجات الغذائية، وتشجيع التجار على التخلص الآمن من المواد منتهية الصلاحية. كما أن هناك جهودًا حثيثة في مصر لتعزيز الوعي الاستهلاكي بين المواطنين، من خلال نشر المعرفة بالعلامات التجارية الموثوقة والمنتجات الآمنة. كما لبقية الدول العربية جهودا رائعة في متابعة فترات صلاحية المواد الغذائية في الأسواق والمحال التجارية بناءا على ما أطلعت عليه من تجارب ثرة ومفيده من خلال عضويتنا في الفريق العربي للخبراء في مجال حماية المستهلك التابع للأمانه العامة لجامعة الدول العربية.
ولكن، لا بد من التأكيد على دور (تكتل) المستهلكين في جمعيات حماية المستهلك، حيث يمكن لهذه الجمعيات أن تلعب دورًا محوريًا في الرقابة المجتمعية والضغط على الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوق المستهلكين. وقد كتبت في مقال سابق عن أهمية قيام جمعيات حماية المستهلك في الولايات وأتابع الآن نتائج التوصية التي رفعتها الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس لوزارة الحكم الاتحادي والتي خاطبت الولاة بضرورة قيام جمعيات لحماية المستهلك ، حيث يمكن لهذه الجمعيات أن تعمل على توعية المستهلكين بحقوقهم وواجباتهم، وتقديم الدعم اللازم لهم في حالة وجود أي مشاكل مع التجار أو المنتجين.
أعود لحواري الممتع مع الدكتور شلقامي، بوصفه رائدًا في مجال حماية المستهلك في السودان، حيث أشار إلى أهمية نشر الوعي بين المستهلكين حول كيفية التعامل مع السلع والخدمات، وأيضًا دور الهيئات الرقابية في ضمان جودة ما يُقدم للجمهور.
ويجب أن نعمل جميعًا، كجهات حكومية ومستهلكين، على تعزيز ثقافة الاستهلاك الواعي والمسؤول. فمن خلال التثقيف والالتزام بالمعايير، يمكننا خلق بيئة استهلاكية أكثر أمانًا وصحة للجميع.
وأعتقد آن الأوان لعودة الجمعية السودانية لحماية المستهلك، وأن يعمل رئيسها صديقي العزيز الدكتور ياسر ميرغني جادًا لعودة عملها، فهذا الدور الحيوي يمكن أن يسهم في تعزيز حقوق المستهلكين وحمايتهم بشكل فعّال ، وأن تتشكل بقوة أمانتها العامة والسعي مع الجهات المختصة لعودة الجمعية وفك الحظر عنها ، فالدور المرتقب لها لمرحلة ما بعد الحرب مهم جدا.
ختامًا، أود أن أشكر الدكتور نصر الدين شلقامي على حوارنا المثمر، وآمل أن نسير قدمًا في تعزيز حقوق ووعي المستهلك السوداني.
حرف أخير : صديقي دكتور ياسر ميرغني أما آن لهذا الفارس أن يعود .
mismawia@yahoo.com