في خضمِّ حربٍ تستهدف الوجود، وتحت سماءٍ تمطر نارًا، وعلى أرضٍ أنهكتها الخيانات والعقوبات، يُحلّق السودان — لا بالخطابة، بل بالابتكار.
طائرةٌ مسيّرةٌ سودانيةُ الصنع تُعرض رسميًّا في معرضٍ دوليٍّ بإسطنبول، في لحظةٍ تُسجَّل لا في دفاتر السلاح فحسب، بل في وجدان الوطن.
هذا ليس خبرًا عابرًا، بل إعلانُ قدرةٍ مكتوم، ورسالةٌ مشرّفة وسط ضجيج الخذلان.
وفي وقتٍ يُتَّهم فيه السودان زورًا باستخدام أسلحةٍ كيميائيةٍ محرّمة — وهي تهمٌ ملفّقة، لم تثبتها جهةٌ محايدة — يردُّ جيشُنا الباسل بأبلغ جواب:
نصنع الطائرات لا السموم… نُحلق بالعلم لا بالدم.
“سَفْرُوك”… اسمٌ من تراثٍ لا يَصدأ
“سَفْرُوك – SAFAROOG” هو الاسم الرسمي للطائرة الانتحارية المحلية، وهو ليس مجرد اختصارٍ تقني، بل كلمةٌ سودانيةٌ أصيلة تُستخدم في أدوات الحياة اليومية، تُجسد البساطة والقوة والرمزية التراثية.
هكذا، انتقل الاسم من البيوت الريفية إلى مدارات المعارك، ليرفع راية السودان على جناح سلاحٍ وطنيٍّ خالص.
الطائرة زُوّدت بأنظمة توجيه ومقاومة للتشويش، وقدرة طيران تفوق 600 كيلومتر، ما يجعلها خصمًا فعّالًا لأي هدف معادٍ مهما حاول التخفي.
شكرًا لجيشِ السودان
أن تُنتج وأنت تحارب، أن تبتكر وأنت تُهاجَم، أن تُبدع وأنت محاصر… فذلك ليس مجرّد تفوّق، بل بطولة.
جيشنا لم ينتظر نهاية الحرب ليبني، ولم يتحجّج بالحصار ليقف، بل تقدّم، وصنع، ورفع اسم السودان في سماء الصناعات الدفاعية.
أيها الجنود والمهندسون، يا من حملتم البندقية بيد، والعقل بالبُعد الآخر…
لكم شكرُ وطنٍ بأكمله، ولتاريخٍ سيسجِّل أنكم لم تكتفوا بحماية الأرض، بل صنعتم مجدها.
لا للكذب الممنهج
اتهام السودان باستخدام أسلحة كيميائية — في توقيتٍ مشبوه — ليس إلا محاولةً خائبة لتشويه الصورة بعد كل تقدم ميداني ومعنوي.
السودان يُقاتل بشرف، وينتصر بإرادته، ولا يُدنّس معاركه بجرائمٍ محرّمة.
من يُنتج المسيّرات، لا يحتاج للسموم… ومن يصنع النصر بإرادته، لا يلوّثه بالجرائم.
كل تقريرٍ دون دليل، وكل منظمةٍ تُصدر أحكامًا عبر الوسائط، ما هي إلا أداة سياسية لا علاقة لها بالحقّ.
نُحَلّق رغم الحصار
هل تعلمون ماذا يعني أن تُنتج طائرة مسيّرة في قلب وطنٍ محاصر؟
أن تُعرض في محفلٍ دوليٍّ رسمي، والعالم يُطوّقك بالعقوبات؟
يعني أن هذه الأمة لم تُكسر… أن هذا الجيش ما زال يقود، لا يُقاد.
المسيّرة السودانية ليست مجرّد آلة، بل رمز لكرامةٍ ما انحنت.
إنها تُحلّق بالنيابة عن كل شهيد، عن كل عاملٍ في صمت، وعن كل جنديٍّ يُقاوم بصدقٍ لا يُقدّر بثمن.
رسالتنا إلى العالم:
إلى من يروّجون الأكاذيب: لن تُشوِّهوا الجيشَ الذي يحمي وطنه، مهما صرختم في الإعلام.
إلى من يستكثرون علينا النصر: نحن لا ننتظر إذنكم لنُبدع.
إلى الشعب السوداني: افخروا… هذه الطائرة صنعتها أياديكم.
الختام
من وسط الحصار، خرجت طائرتُنا تُحلّق، لا تسقط، لا تتلعثم.
من قلبِ الخراب، أرسل جيشنا رسالةً تقول: “نحن هنا… نُقاتل ونبني.”
هذه الطائرة ليست فقط من معدن، بل من كبرياءٍ سودانيٍّ خالص… من نبض أمٍّ تنتظر ابنها المقاتل، ومن حلمِ طفلٍ يرسم طائرةً فوق دفترٍ مثقوب.
هذا هو جيش السودان. لا يعرف الراحة، لا يهاب الظلم، لا ينتظر التصفيق.
وهذا هو وطننا، الذي كلما حاولوا دفنه، خرج من تحت الأنقاض… يُحلّق.
سلامٌ على جيوش العزة، وسلامٌ على وطنٍ يصنع مجده من رماد الحرب.
وسلامٌ وأمان، فالعدلُ ميزان.
توقيع لا يُنسى:
أنا الرِّسالةُ حينَ يَضيعُ البَريد…
أنا امرأةٌ من حِبْرِ النَّا
✍️ بقلم: عبير نبيل محمد