تسألني بكل قبح: إنت وزير العدل دا إسلامي؟ فأجيبها أين المشكلة إن كان إسلامياً؟ فترد البرهان ما قال الإسلاميين ما عندهم حق يشاركوا في الحكم إلا عبر الانتخابات؟ فأرد عليها يا بتنا، الرجال الدافعوا عن السودان، مش فيهم أولاد الإسلاميين؟ مش شاركوا في حماية البلد ودافعوا عن أهل السودان بلا منٍّ ولا أذى؟ منهم من استُشهد، ومنهم من جُرح، ومنهم من أُسر…سكتت، ثم هزّت رأسها وأجابت والله كلامك صاح.
إذن هنا مربط الفرس
إذا كان من حقهم الدفاع عن الوطن بأرواحهم فلِمَ التشدّق بحرمانهم من المشاركة في بنائه وإدارته؟
حين كانت البلاد تشتعل ناراً من أطرافها وتحترق أرضها وبيوتها وأحلام أهلها لم يتردّد الإسلاميون في التقدّم إلى ميادين القتال دفاعاً عن وطن يُراد له أن يُمحى من الخارطة سال دمهم في الأرض وهم يقاتلون جنباً إلى جنب مع أبناء الشعب من مختلف المشارب دون منٍّ ولا انتظار عرفان بينما في الضفة الأخرى، هرب البعض نحو فنادق العواصم الأجنبية، حاملين جنسياتهم البديلة وجوازاتهم الغربية هربوا من وهج النار إلى حضن أسيادهم في الخارج، حيث نعيم العيش
تاركين البلاد تحترق ومن فيها يكتوون بالنار ثم يعودون اليوم بوجه آخر، يلبسون ربطة عنق السياسة العميلة
ويتصدّرون المشهد وهم يحاولون منح الناس صكوك الوطنية ونزعها عنهم وفق هواهم.
المثير للسخرية أن أكثر الأصوات التي تطالب بإقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي
هي ذاتها المنحدرة من بقايا قوى الحرية والتغيير وأحزاب يسارية لا تمت لثقافة السودانيين ولا لعقيدتهم ولا لطبيعتهم السمحة بأي صلة أحزاب لا قاعدة لها في الشارع
ولا سجل لها في سوح المعارك لكنها تصرخ كثيراً وتعمل على خنق أي صوت يخالفها .
فيما يتحدث الإسلاميون على الملأ أنهم لا يريدون المشاركة في الفترة الانتقالية ولا يسعون للسلطة خلالها إلا أن أحداً لا يستطيع حرمانهم من حقهم واستحقاقهم الديمقراطي إن قرروا خوض الانتخابات
وهنا بيت القصيد
خصومهم لا يخافون الإسلاميين في ميدان السياسة فحسب بل يخشون صناديق الاقتراع أيضاً يعلمون تماماً أن الشارع سيختار من ظل بجانبه حين ضاقت البلاد ومن خُضبت يده بدم الوطن لا بسفارات التآمر ولذلك تجدهم عند ذِكر الانتخابات يرتعشون وتضيق بهم الأرض بما رحبت
فيأملون في فترات انتقالية طويلة الأمد
يُشكّلون خلالها المشهد السياسي على هواهم ويعبثون بمقدرات السودان بمعاونة الدول الراعية لمشاريعهم
فهل يُقصى من ثبت في المعركة، ويُقرّب من فرّ منها؟ هل يُمنع الإسلاميون من الحكم لمجرد أنهم يحملون فكراً إسلامياً؟ بينما يُعاد تمكين من جرّب الناس مرارتهم وفشلهم السياسي؟
من الذي يملك سلطة تقرير من يحكم ومن لا يحكم؟ هل تحوّلت الوطنية إلى مزاد علني تحت سقف سفارات الخارج؟.
هؤلاء الذين ظلوا ثابتين في الداخل
الذين نزلوا إلى أرض المعركة من تلقاء أنفسهم لم يدفعهم حزب ولا منبر بل دفعهم دينهم ووطنهم ووجدانهم السوداني أولئك هم من يستحقون أن يكون لهم رأي وصوت في إدارة البلد أما من غادر يوم أن احتاجته الأرض
فلا يليق به أن يعود الآن ليبيع على أهلها دروس الوطنية…لنا عودة