الأحد, يوليو 27, 2025
الرئيسيةمقالاتزاوية خاصة ...

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة. متى يُعلن كامل إدريس حكومته دفعةً واحدة

في مشهد سياسي مرتبك وواقعٍ وطني يئن تحت وطأة الحرب وحواف الانهيار ، يظل السؤال الملح يتكرر على ألسنة السودانيين متى يُعلن الدكتور كامل إدريس حكومته بالجملة لا بالقطاعي ولماذا تُقسم الحكومة إلى دفعات كما لو كنا بصدد كشف درجات فصل دراسي ، لا إدارة دولة في قلب حرب وجودية تستهدف شخص الإنسان السوداني في وجوده على ارضه.

حتى اللحظة خرجت حكومة إدريس في دفعتين، حملت الأولى حقيبتين لا خلاف عليهما الدفاع والداخلية ، فيما جاءت الثانية بوجوهاً أثارت الحذر مشوبة بالتردد ، فإذا كانت نوايا الدكتور كامل إدريس تحمل حُسن الظن والتريث، فإن الواقع السياسي لا يرحم التأخير ولا التجريب ، ففي ظل تدهور أمني ومعيشي غير مسبوق ، لا يليق بمشروع بديل أو حكومة جديدة أن تبدأ مرتبكة أو مجزأة.

تعود التعقيدات فيما يبدو، حسب المتابعين، إلى صراعات مراكز القوى داخل المطبخ السياسي غير المعروف للدكتور إدريس، فضلاً عن ضغوط دولية وإقليمية واشتراطات حزبية تسعى كل منها لتثبيت أقدامها في هذه المرحلة الحرجة ، لكن الأخطر من ذلك هو ما برز مؤخراً من ترشيحات لبعض الأسماء التي وُصفت بأنها طعنت الشعب في ظهره أثناء معركة الكرامة ، بل وارتبطت بمباركة بعض الانتهاكات الصارخة ولو صمتاً أو بمواقف رمادية لا تليق بمرحلة تطلب وضوحاً كاملاً.

هذه الوجوه بمجرد تداولها ، خلفت ردود فعل غاضبة على منصات التواصل وفي الشارع ، حيث وصف البعض الحكومة المرتقبة بحكومة الألم لا الأمل ، في إشارة إلى أن بعض خياراتها تستفز ذاكرة الحرب ولا تطمئن المواطن الذي ينتظر قشة خلاص في بحر الغرق الجماعي.

أما التيار الإسلامي ، بمختلف أطيافه ، فقد أبدى ترحيباً واضحاً بتولي الدكتور كامل إدريس رئاسة الوزراء ، واعتبر كثيرون منهم أن الرجل رغم ابتعاده الطويل عن الساحة السياسية أو لم يعرف له إنتماء سياسي يمثل فرصة لإدارة انتقالية عاقلة ومحايدة ، بل إن هذا الترحيب لم يقتصر على شخص إدريس ، بل امتد ليشمل بعض الوجوه الوزارية التي أعلنها حتى الآن ، رغم ما يُعرف عن بعضها عدائها الصارخ للمشروع الإسلامي وخصومتها التاريخية مع التيار.

وقد فُهم هذا الموقف من الإسلاميين على أنه تغليب للمصلحة الوطنية العليا على الحساسيات الحزبية والفكرية ، وسعي لفتح صفحة جديدة تتجاوز الاستقطاب الحاد ، لا سيما في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد ، إلا أن هذا الترحيب لم يُلغِ حالة التوجس والمراقبة الدقيقة ، خاصة مع تردد أنباء عن نية إدريس ضم عناصر محسوبة على تيارات علمانية متشددة أو مرتبطة بجهات خارجية معادية.

ويُعتقد أن الإسلاميين وهم الآن من القوى الأكثر حضوراً في الشارع والميدان لن يمنحوا شيكاً على بياض لحكومة لا تملك موقفاً وطنياً صريحاً من معركة الكرامة ولا من وحدة البلاد ، وهو ما يجعل الخيارات المقبلة لإدريس في ما تبقى من الوزارات محل اختبار حقيقي لقدرته على التوازن دون التفريط.

وقبل خاتمة القول إن التأخير في الإعلان الكامل للحكومة يُفقد المشروع زخمه ، ويُظهره كخطوة مرتبكة لا كبديل وطني واثق الخطى ، فالشعب الذي صبر كثيراً ، لا يريد فقط حكومة نظيفة يديرها تكنوقراط ، بل حكومة جريئة واضحة الهوية والانحياز ، لا تُمسك العصا من منتصفها.

إن حكومة د. كامل إدريس ، إذا أرادت أن تكون حكومة أمل ، فعليها أن تتخلص من الحسابات الضيقة ، وتُغلق أبواب التسويات الرمادية ، وتُعلن للرأي العام خريطتها كاملة بلا رتوش ولا تقسيط ، فالتاريخ لا ينتظر المترددين ، وخرائط التحرر لا تُرسم بالأجزاء…لنا عودة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات