الأحد, يوليو 6, 2025
الرئيسيةمقالاتالمخدرات عندما يُكبّل الشبابُ.. بقيود الإدمان.. بقلم/ د.إسماعيل...

المخدرات عندما يُكبّل الشبابُ.. بقيود الإدمان.. بقلم/ د.إسماعيل الحكيم


أثبتت الأيام في السودان أن هناك حربٌ أخرى لا تقل شراسة تجري بصمت داخل الأزقة والمدارس والجامعات، حربٌ تستهدف الروح لا الجسد فقط، وتغتال المستقبل لا الحاضر فحسب.. إنها حرب المخدرات ..
فقد أطلق مدير شرطة ولاية القضارف، تصريحًا صادمًا لا يحتمل التأويل ولا يحتمل السكوت أن “80% من شباب الولاية مدمنون على المخدرات”. رقمٌ مهول يصفع ضمير المجتمع، ويقرع جرس الإنذار في أروقة الدولة، إن وُجدت آذانٌ تسمع.
وليس بعيدًا عن القضارف، وفي قلب العاصمة الخرطوم، أعلن جهاز المخابرات العامة بالأمس، عن الإطاحة بإحدى أخطر عصابات المخدرات في منطقة الصالحة جنوب أم درمان، في عملية نوعية كانت حصيلتها 53,500 حبة ترامادول
19 جوال بنقو
عربة لاندكروزر موديل 2004 (مونيكا)
وقد قُدّرت القيمة السوقية للمضبوطات بحوالي 720 مليون جنيه سوداني.
مما يُظهر أن المخدرات حرب لا تقل خطورة عن الحرب ضد المليشيا .
لكن لماذا الشباب؟ ولماذا الآن؟
وبحسب إحصائيات المجلس القومي للسكان، فإن 64% من سكان السودان هم من فئة الشباب، ما يجعل السودان دولة شابة بامتياز. والشباب هم زاد الوطن، وسواعد البناء، ومفاتيح النهوض من الركام.. ومن هنا يبدأ الفهم الحقيقي لهذا الغزو السام.
إن انتشار المخدرات بين الشباب لم يكن عشوائيًا ولا بريئًا. إنها خطة محكمة وممنهجة ومتعمدة، ترتبط بوضوح بمشروع تخريبي أشمل، تقوده مليشيا الدعم السريع، التي لم تكتفِ بقتل الأرواح وتدمير المدن، بل امتدت لتستهدف العقول وتسمم الأفكار وعقول من ؟.
لقد استولى الجيش السوداني في وقت سابق على مصنع يتبع للمليشيا، كان ينتج ملايين الحبوب المخدرة يوميًا. وهذا وحده كافٍ لفهم نوايا العدو وهي إضعاف المجتمع من الداخل، وشل إرادة الشباب، وتحويلهم إلى أجساد خاملة لا تفكر في وطن ولا تنتمي إلى قضية.
فما الجدوى من تحرير الأرض، إن ضاعت العقول؟
وما نفع انتصار البندقية، إن كان الجيل المنتظر مكبلًا بقيود الإدمان، غارقًا في الضياع؟
السؤال الأهم هل تعي مؤسساتنا الشبابية حجم هذا الخطر؟
هل تقف الوزارات، والمنظمات، والجمعيات الدعوية، والمبادرات التطوعية، على خط النار في هذه المعركة الصامتة؟
وهل نملك خطة متكاملة، تعالج الجذور لا القشور، وتخاطب عقل الشاب وروحه، لا شعاراته العابرة؟
إننا بحاجة إلى ثورة وعي لا تقل أهمية عن الثورة المسلحة. نحتاج إلى تحصين تربوي وإعلامي وثقافي يبدأ من المدرسة ولا ينتهي إلا بزيرو مخدرات وسط الشباب ..
نحتاج إلى خطاب وطني صادق جامع يجمع بين الوعي والفعل ، ويفضح من باعوا الوطن بجرعات الكبتاجون، ويكسر صمت المتواطئين تحت لافتات اللامبالاة.
ليس لدينا ترف الوقت وفضوله .وإن لم ندرك أن المخدرات ليست مجرد آفة اجتماعية بل سلاح دمار شامل، فإننا نخسر السودان من حيث نظن أننا نحميه وإن إيقاف حبة مخدر واحدة ..خير من إطلاق ألف طلقة ..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات