الأربعاء, يونيو 18, 2025
الرئيسيةمقالاتمتى تعود الخرطوم؟! ...

متى تعود الخرطوم؟! بقلم: [مصطفى عبيدالله]

منذ إعلان تحرير الخرطوم وطرد مليشيا الدعم السريع من معظم أحيائها ومحلياتها، عادت الأحاديث في الشارع السوداني تدور حول سؤال واحد يتردد في القلوب قبل الألسنة: متى تعود الخرطوم؟! فالمدينة التي كانت يوماً قلب السودان النابض، بمبانيها، شوارعها، حدائقها وأسواقها، لا تزال حتى اللحظة تعاني حالة من الشلل شبه الكامل. نعم، تم تحرير الأرض، ورفرف علم السودان مجدداً فوق مؤسساتها الرسمية، لكن الحياة لم تعد بعد. في كثير من محليات العاصمة، لا تزال الخدمات الأساسية منعدمة أو شبه متوقفة: المياه غائبة عن الأحياء، مما يضطر السكان للبحث عنها في أماكن بعيدة أو الاعتماد على صهاريج باهظة الكلفة. الكهرباء مقطوعة في معظم المناطق، فلا ضوء في المنازل ولا تشغيل للمحال التجارية. الأسواق والمراكز التجارية إما مغلقة أو مدمّرة، ما جعل من حياة المواطنين معركة يومية في سبيل تأمين ضروريات المعيشة. ومما يزيد من تعقيد المشهد أن أجهزة الدولة الرئيسية لا تزال مرابطة في العاصمة البديلة بورتسودان، حيث تُدار شؤون البلاد من هناك، مما يُبقي الخرطوم في حالة “نصف غياب” مؤسسي وسياسي. هذا الوضع يطرح تساؤلات كبرى حول جدية الخطط الحكومية لعودة العاصمة إلى نبضها الطبيعي. فالخرطوم ليست مجرد أرض، إنها ذاكرة وهوية وكيان يمثل وجدان السودانيين جميعاً. عودتها ليست مرهونة فقط بطرد المليشيات، بل بعودة الخدمات، المؤسسات، الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وبث الثقة في قلوب أهلها الذين تشردوا أو نزحوا أو صمدوا في ظل ظروف قاسية. إن السؤال الحقيقي الذي ينتظر الجميع جواباً عليه ليس فقط: متى تعود الخرطوم؟ بل: ما هي خطة عودة الخرطوم؟ وكيف ستُزال الأنقاض وتُعاد الخدمات ويُشجع الناس على العودة إلى بيوتهم؟ وكيف ستستعيد مؤسسات الدولة حضورها في العاصمة التي كانت ذات يوم قلب القرار؟ ربما آن الأوان لوضع خارطة طريق واضحة وشجاعة لعودة الخرطوم، تعيد إليها دورها الطبيعي في الحياة السودانية، بعد أن دفعت ثمناً باهظاً في هذه الحرب.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات