الأربعاء, يونيو 18, 2025
الرئيسيةمقالاتعمق المشهد ...

عمق المشهد حين يُخترق القلب من الداخل… إيران عبرة والسودان على المحك” بقلم: عصام حسن علي

“ليس كل سقوط سببه العدو، أحيانًا يكون الخلل في مفاصلنا، حيث تزرع الخيانة وتنبت الهزيمة.”

ما شهدته إيران مؤخرًا من انهيار أمني وعسكري مفاجئ، يكاد يكون درسًا تاريخيًا في كيف تُغزَى الدول من الداخل، لا من على حدودها. هجوم غادر أصاب منظومة الدفاع في مقتل، لا لضعفها الظاهري، ولكن لاختراقها البنيوي، ولتآكلها البطيء من الداخل.

عمليات ممنهجة، تمت على مدى سنوات، زرعت العملاء، وابتاعت الذمم، وعبثت بالعقول قبل أن تُسقط المنصات. فشل ذريع في قراءة المشهد، وفي تتبع تفاصيل صغيرة كانت تنذر بكارثة قادمة. حتى أتى اليوم الذي استيقظ فيه الإيرانيون على صدمة عسكرية مدوية… لا طائرة أُسقِطت، ولا صاروخ رُصد، بل انطفأت قدرة الردع في صمت، كأنها لم تكن.

في قلب هذه الفوضى، كانت الحرب الإلكترونية تؤدي دورها المحوري، تُعمي، تُضلّل، وتكسر الرابط بين القيادة والميدان. وذاك هو جوهر المعركة الحديثة: السيطرة على الوعي، لا فقط على الأرض.

وفي السودان، لا نملك ترف التغافل. لسنا بمنأى، ولسنا استثناءً. نحن أيضًا نخوض حربًا خفية، شبحية، لا تُرى ولكن تُشعر، تُباغت ولكنها تتسلل في بطء. إنها حرب تستهدف الوعي قبل الجسد، وتُراهن على شتاتنا أكثر من قوتنا.

“إن أُتينا، فلن نُؤتى من العدو، بل من صدوع الداخل… حيث العيون المُطفأة، والذمم المُشتراة، والعقول المغيبة.”

لذلك، علينا أن نحذر ونحزم. أن نُطهر بيتنا الداخلي – مدنيًا وعسكريًا – من كل شائبة. أن نعيد بناء الثقة على أسس صلبة، لا على شعارات جوفاء. التنسيق يجب أن يكون القاعدة لا الاستثناء، والمعلومة هي أول خط دفاع، لا ورقة ثانوية.

العدو لا ينتصر حين يكون أقوى، بل حين نكون أضعف مما كنا نظن. لذلك، علينا أن نعمل بوعي جماعي، على مستوى الدولة والمجتمع، لسدّ الثغرات التي قد يتسلل منها الغدر.

“العاقل من اتّعظ بغيره، والشقي من أصر أن يسير إلى الهاوية وهو يرى غيره يسقط فيها.”

ما حدث في إيران ليس مجرد خبر عابر، بل ناقوس خطر، وصفعة تنبيه. فهل ننتبه قبل أن تُقلب الطاولة؟ أم سننتظر حتى نُفاجأ بما لا نملك حينها أن نُصلحه؟

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات