قال تعالى:
{وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ}
[سورة البقرة، الآية 120]
وإن كنت، يومًا، قد اتبعت ملتهم، وتوشّحت فكرهم، وسرت معهم حيث يريدون، ووقّعت باسم دولةٍ تزعم أنها الوصي الوحيد على البشر، بل على الكرة الأرضية جمعاء، فلن يرضوا عنك. لأن الرضى ليس مقصودًا، بل الاستعباد والتبعية وطمس الهوية.
منذ أن عرفنا الأرض، وعرفنا معها ثوابت الحقد المتجذّرة في النفوس، وسياسات تُبنى على ظلم الآخرين وسرقة كراماتهم باسم القانون الدولي والشرعية، ونحن نعلم أن العدل لا يُولد من أفواههم، وأن السيادة حق لا يُمنح بل يُنتزع.
واليوم، يعود مشهد الحصار من جديد، ولكن ليس عبر طائرات، بل بتقارير مُسيّسة تُعدّ في غرف مكيفة، لتُلقى على شعبٍ اختار الكرامة لا الانحناء. يُحاصر السودان الآن، لا بذنب اقترفه، بل لأنه قال “لا” في زمن الركوع.
لقد زُجّ باسم السودان في تقارير زائفة عن حيازة أسلحة، بينما يعلم حتى تراب الأرض أننا وطن أعزل من أي تقنية متقدمة في هذا المجال، فكيف بنا نمتلكها؟ من المستفيد من هذا الكذب؟ ومن يموّل هذه الشائعات من الداخل؟
إنها ضغوط أصحاب النفوس السوداء، أولئك الذين لا فكر لهم، لا دين، والآن لا وطن. باعوا ولاءهم ليكونوا أدوات تنفيذ لخطة صهيونية فاشلة، كان هدفها أن تُدخل شعبًا بأكمله داخل التراب، شعب فلسطين الحرة، وتفرض على السودان أن يكون مقبرة الأحرار، لكنه رفض.
نعم، رفضت الحكومة السودانية، رفضًا نابعًا من شعب عزيز على أرضه، من شعبٍ لا يقايض الكرامة بالمساعدات، ولا السيادة بفتات السياسة. وشاركتها دول عربية هذا الرفض، لتسقط الخطة الخبيثة قبل أن تولد.
ولم تكن هذه الحملة الأولى، ولن تكون الأخيرة، فقد تزامن ذلك مع هزائم متلاحقة في الحرب المفروضة على السودان، من هزيمة المليشيات إلى خسارة الإمارات لمعركة الفخر والعزة على أرضنا.
كلها مؤشرات على أن الحصار الآن ليس إلا إعلان إفلاس للخصم، ومحاولة أخيرة لبث الفوضى من الداخل.
أما أولئك الذين يصيغون تقاريرهم من عواصم بعيدة، فليعلموا أن هذا الشعب لا يخاف من الورق، لأن من تعمّد أن يُروّج لتقارير مزيفة، ويطالب بفرض العقوبات، هو ذاته الذي لم يستطع تركيع الشعب في ميادين النار.
وها هو “عهد ترامب” يعود، ليس بأشخاصه، بل بروحه، بروح الاستعلاء والكذب والافتراء… عهدٌ جديد بلونٍ قديم.
لكن السودان ليس هو السودان الذي كانوا يعرفونه.
رسالة إلى شعب السودان
إلى شعب السودان العظيم، لا خيار أمامنا اليوم إلا الوقوف صفًّا واحدًا خلف وطننا.
ليس فقط لحماية الأرض، بل لحماية السيادة، القرار، الكرامة، والهوية.
نعم، السيادة تُنتزع، ولا تُستجدى. ومن يراهن على تقارير الخارج، فقد خانه الوعي.
نحن في لحظة مفصلية، والتاريخ يُكتَب الآن… إمّا أن نكون كما كنا دائمًا: حماة الكرامة، أو نترك مصيرنا لمن يتاجر بنا باسم الإنسانية والوصاية الدولية.
كونوا السند لبعضكم، واحموا كل شبر من تراب هذا الوطن،
فالسيادة لا تمنح، بل تُنتزع.
سلام وأمان، فالعدل ميزان.
توقيع لا يُنسى: عبير نبيل محمد
“أنا الرسالة حين يضيع البريد… امرأة من حبر النار.”