الأحد, يونيو 8, 2025
الرئيسيةمقالاتزاوية خاصة. ...

زاوية خاصة. نايلة علي محمد الخليفة الوجه الآخر للعقوبات: بين دراهم أبوظبي وغطرسة ترامب

في مشهد تتداخل فيه خيوط المصالح، وتتعقّد فيه الأدوار، تبدو العلاقات السودانية الأمريكية كرقصة على حبل مشدود فمن جهة تمتلك الولايات المتحدة من وسائل الرصد والاستخبارات ما يمكنها من تتبّع حركة نملة داخل الأراضي السودانية لكنها ويا للمفارقة تقف عاجزة أو تتعمد التغافل عن جرائم موثّقة ترتكبها مليشيا الجنجويد بحق أهل السودان.

الأكثر إيلاماً أن هذا التغافل يتزامن مع دعم إماراتي واضح تمد فيه أبوظبي المليشيا بالسلاح والعتاد بل بأسلحة لا تُباع إلا للدول ذات السيادة ويُجمع مراقبون أن الولايات المتحدة ليست ببعيدة عن هذا المشهد، بل هي شريك غير معلن إذ لم تكن الإمارات لتغرق بثقلها في مستنقع الحرب دون ضوء أخضر أمريكي فبين يدي واشنطن خيوط اللعبة من ساعة الصفر إلى خرائط السيطرة.

ويبدو أن العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة ضد السودان بحجة استخدام أسلحة كيميائية لم تكن سوى غبار دعائي يخفي الهزائم التي مُنيت بها المليشيا ومحاولة استباقية لتشتيت الانتباه عن الأسلحة الأمريكية التي ضبطها الجيش السوداني في منطقة الصالحة.

هنا يحضرني مثل شعبي سوداني فحواه:
“الباب البجيب الريح سدو واستريح.”
لكن أمريكا لا تريد إغلاق باب الريح، بل تصر على إبقائه مفتوحاً لتستثمر في فوضاه فمن لم يرضخ للتطبيع يُترك ليحترق بنار الحرب. والسودان في عين السياسة الأمريكية ليس سوى ملفاً يجب أن يُطوى على الطريقة التي تخدم مصالح واشنطن وتل أبيب لا على الطريقة التي تحفظ كرامة شعبه أو سيادة قراره.

الرئيس الأمريكي ترامب عندما زار الإمارات أغلق له حكّام أبوظبي مسجد الشيخ زايد في مشهد يكشف مدى سطوة المال على قرارات السياسة فهل يجد ترامب حرجاً في الانصياع لرغبة أبوظبي بفرض عقوبات على السودان؟ المال حين يقترن بالتفاهة قد يصنع زعيماً لكنه لا يصنع هيبة وترامب وحكام أبوظبي هم التجسيد الحي لهذه المعادلة المختلة.

في النهاية تُطرح الأسئلة الصعبة: هل السودان اليوم مجرد ورقة في لعبة مصالح دولية؟ وهل العقوبات تأتي لحماية المدنيين أم لحماية المشروع الذي يراد فرضه على السودان؟

الواقع يجيب بصوت واحد: لا شيء بريء حين تختلط السياسة بالنفط والمال والسلاح والغطرسة…لنا عودة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات