السبت, أغسطس 2, 2025

“أنفال” بقلم: بدرالدين عبدالرحمن “ودإبراهيم” الأمن القومي السوداني

..تعرض السودان منذ العام (٢٠١٩) إلى الكثير جدا من المهددات الأمنية الداخلية والإقليمية والدولية،بفعل “عمل ثوري” -كما يطلق عليه-أخرق وأجرب وغير مدروس وملئ بالثقوب والنتوءات،التى جعلت ثوب الأمن الوطني “باليا ورثا” كلما إمتدت له يد المعالجة إنقطع،حتي إتسع الفتق على الراتق.
لم تكن عملية إزاحة الرئيس “البشير”عن السلطة بهذه الطريقة “العقور” والمزدانة “بالجدب والجفاف والتصحر”،إلا تمهيدا لهذا الخلل الأمني الكبير الذي بلغ مداه،بحرب ضروس دمرت البنية التحتية وأرجعت الدولة سنين عددا كانت ذات بؤس وشقاء.
لذا فإن كل من شارك فى ذاك التغيير أو الإنقلاب-سمه ماشئت-يتحمل الوزر الأعظم والأكبر لهذا الإنهيار الذي حدث لمنظومة “جهاز الأمن والمخابرات الوطني”التي ضربت منذ إنشائها بيد من حديد على كل من سولت له نفسه التلاعب -بل مجرد التفكير- فى المساس بالأمن القومي للبلاد،وذلك مرده أن قيادة الدولة حينئذ،كانت تعلم علم اليقين أن قضية الأمن الوطني السوداني قضية إستراتيجية معقدة وذات تداخل وتقاطع للكثير من المشكلات،لذا فهي غير قابلة للتراخي أو التنازل أو وضعها محل مساومة أو إرضاء،كما حدث إبان “الثورة المشؤمة” التى لم تحمل لهذا السودان غير الدمار والخراب والقتل والتشريد واللجوء لدول الجوار.
الهزة العنيفة التى تعرض لها الأمن القومي لها العديد من المسببات يمكن إجمالها فى التالي:
*سوء التقدير “المريب” لقيادة المجلس العسكري بقيادة “إبن عوف وكمال عبدالمعروف” لماستؤول إليه الأمور عقب الإطاحة بنظام دستوري،عالج “أبن عوف” ورفاقه الخطأ بخطأ أكبر وأفظع وأشد مضاضة من وقع الحسام المهند.
وهنا يبرز السؤال الأهم:إن كنت غير قادر على تحمل تبعات التغيير،وكنت مستعدا فقط للهروب وتسليم السلطة لجوقة عملاء “قحط”،ماالذي أجبرك على هذا العمل الذي أضحي وصمة عار لن تمحي من ذاكرة التأريخ؟!
*خاض المجلس العسكري بقيادة “البرهان” فى خضم أخطاء “إبن عوف” الجسيمة،بل زاد الأمر تعقيدا وريبة حين قام بحل هيئة العمليات وأضعف جهاز الأمن الوطني من خلال تقليص صلاحياته وتحجيمه وإحالت خيرة رجاله -وهم في أوج قوتهم وبذلهم وعطائهم- للصالح العام،إرضاءا “لحميدتي” أو “قحط” أو غير ذلك.
مهما تعددت الأسباب هو خطأ “غريب الأطوار”،كلف البلاد مانحن فيه الآن من حرب وسيولة أمنية طالت كل شئ.
*قيادات الأحزاب السياسية والتنظيمات الوطنية،كأنها “الصم، البكم، العمي”،صمتت صمت أهل القبور،ولم تنبث “ببنت شفه”وهي تري عملية تقليم أظافر أقوي وأشرس جهاز أمن ومخابرات فى القارة الأفريقية تتم أمام أعينهم-كأن الأمر لايعينهم-،أو كأن ذلك الخطأ لن يطالهم بأي شكل من الأشكال.
*لم يحرك الشعب السوداني ساكنا،وهو يشاهد ويسمع ويقرأ مايدور خلف الكواليس وخارجها من مخططات لم تكن خافية على أحد،هدفت فى مجملها لضرب الأمن القومي من خلال إضعاف جهاز الأمن وإنهاك قوته وتشويه صورته التي تولي كبرها عملاء “قحط”وقتذاك.
*إهتم الشعب السوداني بالتظاهر وحرق الإطارات وإطلاق “الحلاقيم” التى ركزت على ضرب جهاز الأمن فى مقتل،وقد نجحت فى ذلك لأن الشعب السودان إنصرف إلى سفاسف الأمور وسمح لقوي العمالة والإرتزاق من “قحط والحرية والتدمير” أن تلاعب بأمن البلاد،وأن تحول مؤسساته لبؤر “تجسس وتنصت وإختراق”لسيادة الدولة،فى سابقة لم تحدث طيلة الثلاثين عاما الماضية،تذكروا ماكان يحدث فى مكتب العميل الكبير “حمدوك”، من تواجد كثيف وسخيف للإتحاد الأوربي،فضلا عبث “الرباعيه” وبعثة “فولكر”! .
مسببات إضعاف جهاز الأمن والمخابرات الوطني كثيرة، وفيها مدعاة للإحباط الشديد خاصة عندما تشاهد من تربي فى كنف هذا البلد العظيم هو أول من يدخل سوق النخاسة والعهر ،وأول من يقيم الليالي الحمراء الماجنة إيذانا بقرع جرس المزاد العلني لبيع السيادة الوطنية والشعب والثوابت والقيم والأخلاق، مقابل حفنة “بغيضة”من أموال “المرحاض” الإماراتي العبري والصهيوني ،الساعي لمحو الإرث السوداني التليد من الأرض ليتم السيطرة على حكمه وثروته.
خلاصة الأمر أن الجميع شركاء فيما حدث من “ضعضعة” مقصودة لركيزة الأمن القومي دفع ثمنها المواطن السوداني ومازال،وسيدفع ثمنها أكثر من ذلك إستمر المواطن فى هذه الحالة الداعية للإشمئزاز من “البرود واللامبالاة”وهو يري بصورة يومية مايحدث من إختلال لميزان الأمن القومي على خلفية تفشي الجريمة المنظمة وإستباحت الأرض من قبل الأجانب الذين يسرحون ويمرحون، دون أدني وازع أو ضابط أو رادع،ودونكم ماحدث من إشتراك الأجانب فى حرب مليشيا “آل دقلو” الإرهابية.
يشاهد الشعب السوداني “العملاء والمرتزقة وبائعي الضمير” وهم يصولون ويجولون دون أن يكون هناك “سيفا مسلولا” يشكمهم ويقضي على “شراذمهم”كي يكونوا عظة وعبرةللآخرين.
يشاهد الشعب السوداني مايحدث من وجود “عملاء ومأجورين” داخل مؤسسات الدولة الإستراتيجية والخدمية،وهم يتعاونون مع مليشيا “حميدتي”- بل ومنهم من يصحح للمسيرات موضع الضرب- حتى يكون التدمير دقيقا،قال ذلك الفريق “ياسر العطا” فى أكثر من مرة.
وعلى الرغم من ذلك يقف الشعب السوداني “صامتا واجما” كأن الأمر يحدث فى بلاد “الواق واق”!.
يجب على كل سوداني وطني ومخلص أن يضغط وبقوة بإتجاه إعادة كامل صلاحيات جهاز الأمن والمخابرات الوطني،وفقا لما كان عليه فى دستور العام ٢٠٠٥،هذا إن كان الناس يريدون أن تعود مظاهر الأمن والإستقرار والطمأنينة،وأن كان الناس يريدون أن تختفي مظاهر الفوضي والتلاعب والتدخل الأجنبي السافر فى الشأن السوداني.
مسألة الأمن القومي الوطني لايجب أن تخضع لأمزجة الفريق “البرهان” وصحبه،والأصح أن يكون الأمن القومي وصلاحياته “خط دستوري أحمر”لايتم تغييره مطلقا سواء حدث إنقلاب أو تغيير أو غيره.
هو قضية يجب أن تكون ثابتا سودانيا وطنيا لايخضع لأي توازنات مهما كان حجم الضغط داخليا أو خارجيا.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات