من تعريفات ومعاني الحكمة أنها (الإصابة في القول والفعل ووضع كل شيء في موضعه).
والأحداث التي تمر بها بلادنا في هذا الوقت الراهن لا تحتاج إلى شرح أو تفصيل، فكل أفراد وفئات الشعب السوداني عايش فصولها يوماََ بيوم.
هذه الأحداث وما ترتب عليها من توتر واضطراب وقلق يقتضي الخروج منها إعمال الحكمة، وذلك بالقول والفعل الصحيحين ووضع كل شيء في مكانه.
وبطبيعة الحال وبمفهوم المخالفة فإن تغييب الحكمة و إحلال الغضب والتهور محلها، سيؤدي بالجميع إلى ما لا تحمد عاقبته ولا يرغب في حدوثه الجميع وهو الضياع والتفتت والتشتت والتفرق أيدي سبأ، وهو ما ظل يعمل الجميع طوال أشهر الحرب على تجنبه وتفاديه وهم يقاتلون عدواََ جاء لإحداث الفرقة والشتات والخراب.
لذلك فإن تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على كيان الدولة ووحدة أراضيها ووحدة وتماسك شعبها بمختلف مشاربه، لا يتم إلا بإعمال الحكمة وتحري الرشد في مواجهة هذه الأزمة التي نشبت ولما تزال صغيرة يسهل احتوائها وإخمادها قبل أن تستفحل وتستشري ويصعب حينها السيطرة عليها وعلى ما يمكن أن يترتب عليها من عواقب لا يريدها إلا أعداء هذا البلد الطيب.
إن المدخل إلى معالجة الأزمة الراهنة يتمثل في المراجعة، مراجعة المواقف والمسببات التي قدحت الزناد وتطاير منها الشرر وتناثر فوق رؤوس الجميع.
وهذا يتطلب قدر من الشجاعة وروح وطنية عالية تسمو فوق الذات والأنا، وتقدم المصلحة العامة على ما سواها من مصالح وغايات خاصة، لأن الوطن وسلامته وأمنه ووحدته أسمى وأعلى وأرفع مما هو دونه.
ولا يساور أحد شك ولا ينبغي له أن يشك في أن الرئيس البرهان الذي يقود البلاد في هذه المرحلة التي هي الأخطر على الإطلاق التي تمر بها البلاد، حادب وحريص أشد الحرص على أمن وسلامة وسيادة ووحدة تراب وشعب السودان، وهذا ليس من قبيل إطلاق الكلام على عواهنه وإنما هو واقع لمسه الناس فيه وخبروه كفاحاََ، لم يروى في كتب ولم يحكى في قصص منقولة، وإنما كان جارياََ أمام أعين الناس.
ظل يقاتل ويدير المعارك بحنكة واقتدار وما يزال وأظهر شجاعة وبسالة وصبر لا أحد يستطيع أن ينكرها، ولا أحد عاقل يظن أنه فعل ذلك من أجل أن يبقى في السلطة ويجلس على كرسيها الذي ما عاد وثيراََ ولا مريحاََ، وكان إن أراد أن يصل إلى هذا الهدف ان يسلك طرق أخرى هي أقصر وأيسر ولكنه لم يفعل.
كذلك الحال بالنسبة لوحدات الجيش والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمستنفرين وافراد المقاومة الشعبية بكل تشكيلاتهم بلا استثناء هؤلاء كلهم قدموا أنفسهم رخيصة فداءاََ لهذا البلد تحت إمرة وقيادة الرئيس البرهان ، دفاعاََ عن الأرض والعرض نيابة عن الشعب السوداني كله الذي انحاز بتلقائية وعفوية وبغريزته الوطنية لصف الجيش و القوات المساندة له، لا يمكن أن يظن أحد أن هؤلاء فعلوا ذلك من أجل الظفر بقطع وبعض فتات من كيكة السلطة والحكم فالذي يريد الوصول إلى السلطة لا يبذل روحه ودماءه بل يحرص على سلامة نفسه ويجلس على الرصيف ثم يأتي بعد أن ينجلي الغبار باحثاََ عن الكيكة كما فعل آخرون.
الكل يعلم أن الجيش والقوات المساندة لا يقاتلون الجنجويد المعتدين من أجل القتل ولا يقاتلونهم حمية ولا رياءاََ ولا سمعة، بل إنهم يقاتلون من أجل الحيلولة دون إفشاء الفساد ودون هدم القيم النبيلة وتفشي الفسوق والعصيان والقبلية والجهوية ونهب ثروات البلاد ورميها في أيدي أجنبية ، إنهم يقاتلون من أجل الحفاظ على قيمنا السودانية الأصيلة المستمدة من ديننا الحنيف والتي تمثل ميليشيا آل دقلو وجناحها السياسي المهدد الأكبر لهذه القيم.
ولا يمكن أبداََ أن يكون من تقدم الصفوف واصطف ليقاتل العدو الغاشم المعتدي المسنود خارجياََ دفاعاََ عن هذه القيم يتطلع إلى مجرد اعتلاء عرش السلطة..!!
إذن فإن الهدف واحد، والطريق واحد، والعدو واحد.. ففيم التناوش..!!
من أجل كل ذلك ينبغي على الجميع الإسراع في إزالة سوء الفهم وإصلاح ما فسد، وتقويم ما اعوج، وذلك بالتنادي إلى كلمة سواء لاستكمال المسيرة، مسيرة النصر التي بدأت بتوافق تام، وتفويت الفرصة على الذين يريدون أخذ ما عجزوا عن أخذه بالحرب، أخذه بانتهازية بغيضة وسيوفهم وخناجر غدرهم ما تزال تقطر من دماء الأبرياء التي أراقوها وما تزال جيوب فريق منهم تريقها في دارفور وأجزاء من الجزيرة والنيل الأبيض..
المراجعة من أجل إعادة وضع الأمور في نصابها هي أعلى درجات الحكمة وهي البلسم الذي سيشفي الجراح وبه تلتئم..