لقد انتهت المعركة، معركة الكرامة وبمقاييس القوة وحيثيات الوضع في الميدان فإن ميليشيا الدعم السريع قد سُحقت وانتهت، ولا أقول (نهاية بطل) فميليشيا آل دقلو لا تملك مثقال ذرة من بطولة ولكنها انتهت نهاية باطل والباطل زاهق ، وما تفعله الآن هو مجرد مناوشات وفرفرة مذبوح من بقايا عناصر الميليشيا التي قُطع دابرها وأصبحت بلا قيادة وبلا إمداد وبلا إتصالات وبلا معنويات وبلا هدف..
قوات متفرقة مشتتة مذعورة فقدت كل شيء، وتبحث عن منافذ للخروج والهروب غرباََ بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم واستحالت عليهم الأرض جحيماََ واستبان لهم أنه لا منجى لهم من هلاك محتوم ومصير قاتم لا مناص ولا فرار منه.
إنها نهاية الغرور والاستكبار والبغي والعدوان ، كل من استمع إلى زعيم الميليشيا الهالك في اليوم الأول من العدوان وهو يدعو البرهان وبكل ما فيه من غرور إلى تسليم نفسه، وإلا سيتم (استلامه) وينتهي الأمر، كل من استمع لمقالته الغبية هذه في ذلك اليوم ظن أن الأمر قد انقضى وأن الأوباش على مقربة من أن يعلنوا دولتهم، خاصة وأن الهالك قد ظهر في فيديو وهو يعتمر الكدمول في عربة قتالية على بوابة القصر!!
كان مشهداََ قميئاََ قبيحاََ يجسد كل صور القبح ودمامة الغدر والخيانة والسوء ، توجس الناس وهالتهم المفاجأة..
ولكن الله مدبر الأمر شاء أمراََ آخر غير ما يريده زعيم الأوباش فسنة الله في هذا الكون أنه (لا يهدي كيد الخائنين).
فالرجل كان هو الثاني في هرم السلطة في الدولة بلا مؤهل وبلا أهلية آتاه الله الملك، والله يؤتي ملكه من يشاء ، لكنه الطمع والبطر ، دبر مكيدته واختار الغدر والخيانه وبيّت السوء وما درى المسكين أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله وأن سهم الخيانة يرتد على صاحبه لا محالة، وقد ارتد عليه سهمه بالفعل في نحره، وخسر كل شيء، وانهار صرحه الذي بناه وأصبح كثيباََ مهيلا.
لقد تساقطت قيادات الميليشيا تباعاََ كما تتساقط أوراق الخريف المصفرة ، وتناقصت مساحات الأرض التي سيطروا عليها وظنوا أنهم قادرون عليها ، تحررت الخرطوم من دنسهم وتبقت بعض الجيوب هنا وهناك سيتم تطهيرها قريباً بإذن الله.
ومن بعدها سيكون تحرير ولايات دارفور آخر معاقل التتار الجدد مسك الختام، معركة تحرير دارفور ستكون أم المعارك، فهي آخر ملاذات وحصون الميليشيا الإرهابية التي سيدكها الجيش والقوات المساندة له وعلى رأسها المشتركة التي ذاقت الميليشيا بأسها وأفشلت كل محاولاتها المتكررة للسيطرة على الفاشر وردتها على أعقابها بخسائر في الأرواح والعتاد.
لقد ضاقت الخيارات على الميليشيا ولم يعد أمامها إلا خيارين إثنين ، فإما الاستسلام ، وإما الهلاك ، وحتى خيار الفرار خارج الحدود لم يعد متاحاََ أمامها، فهزيمة الميليشيا الماحقة التي منيت بها في الجزيرة وسنار والخرطوم أحدثت متغيرات في مواقف دول الجوار والقوى الإقليمية الأخرى التي راهنت على نجاح مشروع آل دقلو وقد رأوه وهو يتهاوى وينهار ويتبدد أمامهم ، وقد بدأت بعض دول الجوار تستشعر الخطر من وجود الميليشيا على تخوم أراضيها وتخشى أن تدور الدائرة عليها ويتحول المشروع الاستيطاني إليها.
لعل الجميع ممن ساندوا ميليشيا آل دقلو المنهارة وانساقوا خلف أوهام الهالك حميدتي وأخاه عبد الرحيم وأخلائهم التعساء في (تقدم) خُدام المخابرات الأجنبية يعضون بنان الندامة والحسرة على رهانهم الخاسر وحصادهم المر.
بعض دول الجوار استوعبت الدرس وهي الآن تعد العدة لإصلاح وترميم علاقاتها مع السودان بعد ما تبين لها أنها كانت تسير في الإتجاه الخطأ، وبعض الدول التي يوجد بها المكون الإثني الغالب في الميليشيا استشعرت الخطر وبدأت بالفعل في اتخاذ خطوات للحد من إمكانية انفجار الأوضاع فيها بصورة شبيهة لما حدث في السودان.
وبعض دول الجوار القريب ذات الأنظمة الفاقدة للرشد والإرادة و على رأسها نظام (كاكا) في تشاد، ما تزال تراهن على فرس الميليشيا العرجاء ، حيث يعتبر (كاكا) أن معركة دارفور بالنسبة له مسألة حياة أو موت، وجود أو فناء ، لذلك فهو سيرمي بكل ثقله لكي يفوز فرس رهانه لأنه يعلم علم اليقين بأن خسارة واندحار ميليشيا آل دقلو يعني في وجهه الآخر انتقال كرة النار إلى داخل بيته الهش ويهدد عرشه وملكه الذي ورثه ببيع دم والده ،وهو يعلم أن ميليشيا آل دقلو لا عهد ولا أمانة لهم.
ويدرك تماماً أنهم لم يعد لهم مكان في السودان لإقامة مشروعهم ودولتهم ،وأن البديل هو تشاد، وأنه لا قبل له بهم ومن يقف خلفهم.
كل المؤشرات تدل على أن الدائرة ستدور على كاكا الذي ظن أنه في مأمن من خطر الميليشيا التي ساندها ووفر لها الغطاء المطلوب وفتح أراضيه لها ولمرور الإمدادات العسكرية إليها.
إنه المكر السيء لا يحيق إلا بأهله..