الخميس, مارس 13, 2025
الرئيسيةمقالاتالعقوبات الأمريكية على البرهان.. الجاني والمجني عليه في قفص واحد. ...

العقوبات الأمريكية على البرهان.. الجاني والمجني عليه في قفص واحد. الركابي حسن يعقوب

في الأنباء أن الإدارة الأمريكية وهي تتأهب لمغادرة سدة الرئاسة ربما تتجه إلى فرض عقوبات على الرئيس البرهان أسوة بالعقوبات التي فرضتها على قائد ميليشيا الدعم السريع حميدتي على خلفية الحرب التي أشعلها قائد الميليشيا الإرهابية بمحاولته الاستيلاء على السلطة في البلاد والتي دخلت شهرها الثالث والعشرون.

وعند نشر هذا المقال ربما تكون الإدارة الأمريكية قد أصدرت قرار العقوبات بالفعل ، إذ تواترت الأنباء من مصادر مختلفة بنية إدارة بايدن فرض عقوبات على الرئيس البرهان ومساواته بقائد الميليشيا الإرهابية حميدتي، الذي فرضت عليه الإدارة الأمريكية عقوبات في وقت سابق من هذا الشهر على خلفية الإنتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب التي ارتكبتها قواته في حق المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها، في دارفور والعاصمة الخرطوم وولايتي الجزيرة وسنار.

وكل يوم يمر يتكشف للناس فيه حجم المؤامرة – متعددة الجنسيات وعابرة القارات – علي السودان، وتتضح فيه خفايا وخبايا هذه المؤامرة الكبرى التي تستهدف السودان الدولة والوطن في إنسانه وفي موارده وفي ثقافته ودينه وفي موروثه الحضاري وفي خط دفاعه الأول الجيش حامي حمى البلاد.

إن استهداف البرهان هو استهداف للسودان ولقواته المسلحة التي أثبتت جدارة وجسارة غير مسبوقة ونادرة في مضمار العسكرية وفي تاريخ الحروب.

إن معركة الكرامة والأداء القوي للقوات المسلحة فيها جعلت أعداء السودان القريبين منهم والأباعد ينظرون إليه بتوجس وخوف في عالم لا يعرف سوى منطق القوة.

حجج الإدارة الأمريكية التي توكأت عليها لفرض عقوبات على البرهان حجج داحضة واهية لا يسندها دليل ولا تقوم على أرضية صلبة، بل تقف على فرضية هي أوهن من بيت العنكبوت، هي حجج تم جمعها قسراََ و (لملمتها) بطريقة مفضوحة فضلاََ عن كونها عارية من الصحة ومجردة من الحقيقة.

تتلخص هذه الحجج في ان القوات المسلحة – بزعمهم – تقوم باستهداف المدنيين والبنيات الأساسية المدنية وتمنع وصول المساعدات، ورفضت المشاركة في محادثات السلام العام الماضي..!!

مبررات تم تجميعها تجميعاََ يماثل تجميع (صحن المرارة)، ويبدو أن حجة رفض الحكومة المشاركة في محادثات السلام (منبر جنيف) بمثابة (الدكوة) التي تعجن بها (المرارة) لإعطائها نكهة وزيادة كميتها.

القرار الأمريكي الظالم يساوي بين الجاني والمجني عليه ويضعهما في قفص واحد وهو ظلم بائن ويمشي على رجلين وسابقة تثير السخرية والعجب والدهشة..

والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق العجيب هو لماذا إذن لم يصدر قرار فرض العقوبات على كل من البرهان وحميدتي في آن واحد وفي نسخة واحدة طالما أنهما متساويان في الجرم…؟؟

لماذا تأخر صدور قرار العقوبات على البرهان، هل هناك جهة مارست ابتزازاََ من نوع ما على إدارة الرئيس بايدن، وأي قوة تلك التي في استطاعتها أن تمارس ضغوط عليها وتضطرها إلى الإستجابة لطلب فرض عقوبات على الرئيس البرهان.. ؟؟

العالم كله كان شاهداََ على جرائم وانتهاكات ميليشيا الدعم السريع الإرهابية التي كانت الميليشيا توثقها بنفسها، الجميع في مشارق الأرض ومغاربها شاهد تلك الإنتهاكات والجرائم البشعة التي ارتكبتها الميليشيا الإرهابية في حق المدنيين وفي حق الأسرى في كل متر من المناطق التي كانت تسيطر عليها..

هذه الإنتهاكات وثقتها كبريات الصحف ووسائل الإعلام الغربية وآخرها صحيفة (نيويورك تايمز) بالصوت والصورة، في تحقيق استقصائي وقفت فيه الصحيفة على هذه الإنتهاكات ورأتها رأي العين..

بل إن مجلس النواب الأمريكي تبنى في نوفمبر من العام الماضي قراراََ يصنف انتهاكات ميليشيا الدعم السريع و الميليشيات المتحالفة معها ب (الإبادة الجماعية)، وتوقع مراقبون يومها أن يكون لهذا القرار ما بعده من تداعيات مباشرة تطال ليس حميدتي فقط ، بل كان من المؤمل والمنطقي أن تطال هذه التداعيات الدول التي تدعم ميليشيا الدعم السريع بالسلاح، والإمدادات اللوجستية، وتلك التي تشكل ممراََ لتوصيل هذه الإمدادات اللوجستية والأسلحة والمرتزقة الأجانب من أصقاع الدنيا كلها.

لماذا لم تفرض عقوبات على تلك الدول وهي معلومة ومعروفة ولماذا لم توقف مبيعات الأسلحة لهذه الدول وهي تعلم أنها ذاهبة إلى ميليشيا الدعم السريع التي تقتل بها المدنيين.

ولماذا لم تصنف ميليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية رغم أنها تنطبق عليها كل أوصاف وموجبات صفة الإرهاب، خاصة وأن الكونغرس الأمريكي كان قد صنف ميليشيات أخرى في دول أخرى (منظمات إرهابية) مع أنها لم ترتكب عُشر ما ارتكبته ميليشيا الدعم السريع، لكنه التطفيف والكيل بأكثر من مكيال.

إن يوميات الحرب التي أشعلتها ميليشيا الدعم السريع ووقائعها تقف شاهدة على أن الميليشيا هي التي بدأت الحرب، وأن الجيش كان في وضع الدفاع طيلة الأشهر الست الأولى من الحرب، ثم تحول بفضل احترافيته ومهنيته الراسخة إلى وضع السجال والكر والفر طوال عشرة أشهر، ثم تحول وانتقل إلى وضع الهجوم بعدها وتحرير المناطق التي تسيطر عليها الميليشيا وهو الآن في وضع (مطاردة) لما تبقى من فلولها وهي المرحلة الأخيرة والتي شارفت على الانتهاء..

وطوال أشهر الحرب التزمت القوات المسلحة والقوات المتحالفة معها بقواعد الاشتباك المتعارف عليها عالمياََ، لم ترصد أية انتهاكات من جانبها، وكان المواطنين الفارين من جحيم انتهاكات ميليشيا الدعم السريع يذهبون إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة حيث الأمان والطمأنينة وحيث مؤسسات الحكم تقوم بمهامها التنفيذية والخدمية والسيادية بصورة اعتيادية.

وهذا دليل واضح ودامغ على أن القوات المسلحة لم تكن تمارس شيئاً مما قيل في حقها من تعدي وانتهاكات مزعومة.

إن ما وقع من تجاوزات فردية محدودة ومعزولة ومعدودة بأصابع اليد الواحدة مؤخراً من قبل بعض الأفراد لا يمكن تعميمها بأي حال من الأحوال.

إن ما حدث في كمبو طيبة هو تصرف فردي أصدر فيه الجيش بياناََ واضحاََ يشجبه ويؤكد فيه أنه تصرف فردي، وأكثر من ذلك تم تشكيل لجنة تحقيق تمهيداََ لمحاسبة من يثبت التحقيق تورطهم بالفعل في ارتكاب انتهاكات وفقاً للقانون وإجراءات العدالة.

وعضد البرهان ذلك الإتجاه في مخاطبته الجماهيرية عقب عودته من جولته الأفريقية بالتشديد على عدم أخذ القانون باليد ومنع ممارسة أفعال خارجة عن القانون، وتعهد بمحاسبة كل من يخالف القانون وقواعد الاشتباك وأكد على ضرورة الاحتكام إلى القانون ووجه بحسن معاملة الأسرى والمتعاونين لحين الفصل فيهم وفق القانون والعدالة.

كل هذا وغيره من الانضباط في جانب القوات المسلحة والمتحالفة معها يحدث، ولكن العين الأمريكية كليلة عن رؤيتها، فهي فقط ترى ما تريد أن تراه.

ترى فقط حادثة أو حادثتان معزولتان فقط من جيش ظل ملتزماََ بأخلاق الحرب، مقابل انتهاكات ممنهجة ومتعمدة ومقصودة باصرار وترصد من جانب ميليشيا الدعم السريع الإرهابية ثم تساوي بين الطرفين..!!

إن التجاوزات في الحروب هي أمور حتمية الوقوع ولم تسلم منها حرب في التاريخ، أمريكا نفسها مارست انتهاكات مروعة في حق المدنيين في كل الحروب التي خاضتها حول العالم أكثرها كان ممنهجاََ ومقصوداََ ومتعمداََ.

إن فرض عقوبات على الرئيس وقائد الجيش البرهان في هذا التوقيت الذي بلغ فيه الجيش الشوط الأخير لاستكمال النصر على الميليشيا والقضاء المبرم عليها وبهذه الحيثية الواهية الضعيفة غير المتماسكة لهو دليل واضح أن أمريكا ترمي بكل ثقلها خلف المؤامرة التي تستهدف السودان.

لكن رغم ذلك فإن الشعب السوداني الذي وقف صامداََ مؤازراََ قواته المسلحة صابراََ على المعاناة والشقاء الذي أصابه قادر على مواصلة المشوار بعزم أكبر وبهمة أعلى وصولاً إلى النصر الذي بات قاب قوسين أو أدنى.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات