كتب : علي بتيك.
درج السودانيون ودأبوا على الاحتفاء والاحتفال في مطلع كل عام بذكرى الاستقلال المجيدة.فالاستقلال بمفهوم التحرر والنهضة ومناهضة المستعمر والحفاظ على وحدة الأرض والشعب مفاهيم وملاحم وسيرة في مسيرة وطنية مستمرة منذ ماقبل الفاتح من يناير سنة ستة وخمسين وتسعمائة وألف وما ثورة الإمام المهدي واللواء الأبيض وود حبوبة ومؤتمر الخريجين وإعلان الاستقلال من داخل البرلمان ورفع العلم وتعاقب الحكومات الوطنية إلا بعض فصوله.
إن معركة الاستقلال لم تكن سهلة لذلك لابد من تحية كل الذين كان لهم سهم في استقلال الوطن واستقراره طوال سبعة عقود خلت.لقد جابه الوطن تحديات كبيرة منها ما تعلق بوحدته إذ اندلع التمرد في جنوبه قبيل الاستقلال وصولا إلى توقيع اتفاقية أديس أبابا ،ثم اتفاقية السلام الشامل”نيفاشا” التي أفضت إلى انفصال الجنوب.لقد عانى السودان من عمليات”شد الأطراف” وظهور حركات مسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وصولاً إلى شرقي السودان. ويرجع هذا لهشاشة الأوضاع التي خلفها المستعمر ولضعف علاقة المركز بالأطراف وغياب التنمية المتوازنة.فضلا عن ضعف الانتماء الوطني مقابل تنامي الانتماءات الأضيق والانكفاء القبلي وغياب الرؤى والقدرة على الفعل لدى الأحزاب السياسية وفشل النخب واضطراب الجغرافية السياسية في دول الجوار والإقليم إضافة للتدخلات الخارجية.
ولعل تمرد المليشيا الذي اندلع في منتصف أبريل 2023 هو أخطر امتحان واجه البلاد خلال سبعين سنة من استقلالها إذ كان المخطط كبيراً واستهدف الدولة والمجتمع على السواء وانطلق من داخل منازل المواطنين وتخندق في مرافق الدولة الحيوية، كما له أذرع داعمة إقليميا ودولياً.لكن القوات المسلحة ومن ورائها ظهير شعبي عريض نجحوا في الصمود وهم يخوضون معركة الكرامة حفاظاً على الوطن وأمنه.وهي معركة لا تزال تدور فصولوها الأخيرة في هذه الأيام وقطعا ستحتاج الدولة لحشد الطاقات مجدداً من أجل ملاحم البناء وإعادة الإعمار لكنيبقى من الأهمية بمكان توحيد الجبهة الداخلية مجابهة للتحديات والأخطار المحدقة بالوطن وتقوية وتحصينا له.وهذا بالضرورة يتطلب استلهام دروس الماضي وسد الثغرات وفرج الشيطان والالتزام بوصية “جدودنا زمان”،ومانظم الكابلي “انت عندي كبير… و حبي ليك كتير..القومه ليك يا وطني”
وماكتب مصطفى التني منشدا في حب الوطن:”في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز غير سلامتك ما عندي غاية إن شاء الله تسلم وطني العزيز.” رحم الله الجميع وسلم الوطن العزيز.