الإثنين, سبتمبر 15, 2025
الرئيسيةمقالاتبارا.. حين يسترد الوطن أنفاسها.. ...

بارا.. حين يسترد الوطن أنفاسها.. بقلم د. إسماعيل الحكيم..


حين أشرقت بارا من جديد تحت راية الجيش لم يكن تحريرها خبراً عابراً أو نصراً باهتاً، بل كان أنفاساً جديدة في صدر الوطن وصفحة مضيئة تضاف إلى سجل معركة الكرامة فلم تفرح كردفان وحدها، بل فرح السودان كله، لأن الأرض لا تُحرر بالميدان فحسب، بل تُحرر بالمعنى الذي تحمله معنى الانتماء، ومعنى الكرامة، ومعنى الوطن الواحد.
بارا عروس المدائن ، إنها رافد اقتصادي مهم يرقد على حوض جوفي يفيض بالخير، وتمتد على طريق الصادرات بين أم درمان والأبيض، لتكون عقدة وصل بين الحاضر والمستقبل. وتحريرها ليس استعادة جغرافيا فقط، بل استعادة لعصب اقتصادي حاولت المليشيا خنقه، فأبى أن يموت.
أما أمنياً، فإن سقوط بارا في يد الجيش هو سقوط للمهدد الأمني الذي ظل يتربص بولاية الخرطوم وبأمن البلاد كله. لقد بات الطريق أكثر أمناً، والعاصمة أكثر ثباتاً، بعد أن أزيحت غمامة الخطر عن مداخلها.
واجتماعياً، تعكس بارا صورة السودان المتنوع، ففي أحشائها تجتمع قبائل كردفان ودارفور والنيل الأبيض بل كد قبائل السودان مكوناته، لتكون فسيفساء تعايش لا مثيل لها. ولذلك، فإن تحريرها كان تحريراً للنسيج الاجتماعي من عبث المليشيا، وانتصاراً لقيم الوحدة والتماسك.
وتاريخياً، تظل بارا ــ أم لبخ ــ شاهدة على المواقف التي لا يخطئها التاريخ، حاضرة في ذاكرة الأجيال بمواقف بطولية لا تزول. واليوم، يكتب الجيش معها فصلاً جديداً من بطولة السودان، ليبقى اسمها عنواناً على أن المدن العريقة لا تنكسر، بل تنهض دائماً لتعود أشد إشراقاً.
إن تحرير بارا هو أكثر من نصر عسكري، إنه رسالة تقول إن السودان يستعيد نفسه مدينة بعد مدينة، وقرية بعد أخرى، وأن جيشه هو درعه وسيفه وصوته العالي. واليوم، كما بالأمس، يثبت أن الأرض لا تُترك، وأن المعركة لا تُخاض إلا لتنتهي بالحرية والسيادة والنصر. Elhakeem.1973@gmail.com

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات