في ذاكرة الفن السوداني، لا يمر اسم الفنان أحمد شاويش مرور الكرام، فهو أحد الأصوات التي حملت الوجدان السوداني بين نبرات الصوت، ووهج الكلمات، ونبض اللحن. ولعل أغنيته الأشهر “عطر الصندل” تمثل ذروة تجربته الفنية، حيث امتزج فيها الشعر بالعطر، والصوت بالوطن، والذكريات بالحنين.
بداية المسيرة
أحمد شاويش لم يكن مجرد فنان عابر، بل صاحب بصمة خاصة في عالم الغناء السوداني. بصوته الدافئ، وهدوئه الحاضر، استطاع أن يصنع لنفسه مكانة وسط عمالقة الفن، ليس بكثرة إنتاجه، بل بعمق تأثيره. لم يكن يهتم كثيرًا بالشهرة السريعة أو الأضواء المؤقتة، بل آمن بأن “الرسوخ في الوجدان” أهم من الظهور على الشاشات.
“عطر الصندل”… أكثر من أغنية
عندما نستمع إلى أغنية عطر الصندل، لا نسمع مجرد لحن جميل، بل نعيش لحظة وجدانية مكتملة. الأغنية حملت في طياتها مشاعر الحب والحنين والهوية. كلماتها تحاكي الأرواح، ولحنها يشبه رائحة الصندل، ثابت، وعميق، ونابع من تربة هذا الوطن.
الصندل ليس فقط نباتًا عطريًا في الموروث الشعبي، بل رمزٌ للثبات، للارتباط بالجذور، للذكريات التي لا تُمحى. ولذلك، لم يكن اختيار الاسم عبثيًا، بل واعيًا ودالًا.
حضور رغم الغياب
رغم أن الفنان أحمد شاويش ليس من الأسماء التي تملأ وسائل الإعلام، إلا أن حضوره ظل ممتدًا في وجدان جيل كامل. كان يغني بقلبه، ويتحدث بصمته، ويكتفي بأن يكون قريبًا من الأرواح لا الشاشات.
في وقت تتنازع فيه الساحة الفنية بين ضجيج اللحظة وموضة الانتشار، بقي شاويش مخلصًا لصوته الخاص، لا يساوم على الفن، ولا يقايض الكلمة الصادقة بلحن مزيف.
آخر الكلام:
إرث يستحق التقدير
اليوم، ونحن نسترجع صوت أحمد شاويش وأغنيته الخالدة عطر الصندل، فإننا لا نُحيي فقط ذكرى فنية، بل نستعيد جزءًا من هويتنا الثقافية. هذا الصوت الذي مرّ خفيفًا على الساحة، ترك أثرًا لا يُمحى في قلوب محبيه.
ربما آن الأوان لتوثيق تجربته، والاحتفاء به كما يليق بفنان أصيل، قدّم فنه بكل نقاء، وترك لنا عطرًا من الصندل لا يزول مع الزمن.