الخميس, سبتمبر 4, 2025
الرئيسيةمقالاتزاوية خاصة ...

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة قيادة السودان… صمت معيب أمام اعتقال فارس الكرامة

منذ أسبوع أو ما يزيد، يعيش الشارع السوداني على وقع أنباء اعتقال قائد فيلق البراء بن مالك ، المصباح أبو زيد طلحة ، على يد السلطات الأمنية المصرية ، الرجل الذي يحظى بسمعة واسعة بين مؤيديه كقائد ميداني شجاع وصاحب سجل مشهود في ساحات القتال ومسارح العمليات ، أصبح فجأة محور جدل سياسي وشعبي ، وسط غياب أي إفادة رسمية واضحة حول مكان احتجازه أو حالته الصحية ، سواء من الجانب المصري الذي اعتقله أو الجانب السوداني الذي يعد المصباح أحد أهم ركائزه العسكرية في الميدان.

هل يعلم الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أن أحد فرسان الكرامة ، وجندياً من جنوده الذين تصدوا للمليشيا وأخرجوها من كل شبر احتلته في سنار والجزيرة والخرطوم والنيل الأبيض ، وما زال يطاردها في سهول كردفان وصحارى دارفور ، يقبع في قبضة الأمن المصري؟ ، وهل يعلم الفريق شمس الدين الكباشي والفريق ياسر حسن العطا أن هذا القائد الذي عبد لهم الطريق إلى الخرطوم بدمه وعرقه وتضحيات رجاله ، محتجز اليوم في القاهرة بلا سند قانوني ولا بيان يوضح مصيره؟ .

أم أن قيادة السودان لا ترى في اعتقال أحد أركانها العسكرية قضية تستحق أن ترفع لها الهاتف ، أو تحرك لشأنها الدبلوماسية أو تمارس من أجلها ضغطاً على الجانب المصري؟ .

في الأيام الماضية ، زاد الغموض مع البيان الذي نُشر على الصفحة الرسمية للمصباح ، والذي حمل لغة مطمئنة ودعوة للتهدئة ، لكنه لم يبدد الشكوك ، بل فتح الباب للاحتمال بأنه صدر تحت ضغط أو من جهة تتحكم في هاتفه الشخصي ، هذه الشكوك تعززت بعد إعلان تظاهرة في مدينة بورتسودان كان مسارها نحو مقر السفارة المصرية للمطالبة بإطلاق سراحه ، إضافة إلى ما أكده أحد قادة كتائب البراء بن مالك ، مهند فضل بأن المصباح أُقتيد من المستشفى ، بعد شطب البلاغات المرفوعة ضده إلى جهة مجهولة ، وكذلك إفادات أسرته اكدت ماذهب إليه مهند، رغم أن المعلومات المتواترة كانت تشير إلى إطلاق سراحه.

الموقف المخزي الذي مثّلته السفارة السودانية بالقاهرة لا يقل صدمة عن الصمت الرسمي ، إذ لم يصدر عنها أي بيان أو تحرك معلن ، حتى وإن افترضنا أن المصباح مجرد مواطن من الدرجة الثالثة ، لا قائد ميداني جندل المليشيا في سوح الوغى ، بل الأمرُ من ذلك ، إن السفير عماد عدوي ظهر في جلسة شعبية ، فيها من الرقص واللهو ، ما يشير إلى أن سعادة السفير يجري وراء سفاسف الأمور التافهة ، ويترك ما هو أهم ، في وقت كان عليه أن يطرق أبواب المسؤولين المصريين لمعرفة أين يقبع الرجل ومصيره.

حتى هذه اللحظة ، لا توجد أي تأكيدات على إطلاق سراح المصباح ، أو أي معلومات رسمية عن الموقع الذي أُقتيد إليه ، لا قبل أو بعد خروجه من المشفى ، وفي ظل هذا الصمت ، تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل الدولة السودانية والجيش ، للضغط على الجانب المصري ، خاصة أن الرجل مصاب جراء عمليات ميدانية ويعاني من داء السكري ، مما يجعله في وضع صحي حساس.

إن صمت القيادة السودانية أمام هذا المشهد ، وغياب أي تحرك علني وفاعل ، ليس فقط تخاذلاً عن نصرة رجل قاتل تحت رايتها ، بل هو رسالة سلبية لكل جندي في الميدان ، مفادها أن التضحية قد تُكافأ بالتجاهل إذا وقع البطل في الأسر خارج الحدود.

المصباح أبو زيد طلحة ليس مجرد قائد ميداني ، بل رمز من رموز المقاومة ضد المليشيات ، وصموده في الجبهات كان جزءاً من صمود الجيش نفسه ، بل الأصح كان سبباً في صموده ، وأن طول أمد الاعتقال يفتح باب الشيطان للتأويلات ، ويضع جهات عدة في قفص الاتهام ، لذا لابد للدولة أن ترفع قناة التواصل مع الجهات المصرية إلى درجة أعلى ، لصعوبة التكهن بما هو قادم من الشارع ومن أنصار المصباح ، الذي تمدد حبه في قلوب الناس ، رغم أن المد الجارف من شباب البراء ومحبيهم يتحلون بأعلى درجات الانضباط ، ويتركون الأمر لجهات الاختصاص لحل العقدة ، ولكن إذا لم تفلح الجهود في إطلاق سراحه لا يمكن التكهن بالقادم.

إذا كانت مصر ترى في نفسها حليفاً ، فليكن هذا التحالف على قاعدة الاحترام المتبادل ، لا على حساب كرامة قادة السودان وجنود ، وإذا كانت القيادة السودانية عاجزة عن حماية رجالاتها ، فلتصارح شعبها بذلك بدل أن تلوذ بالصمت.

يبقى السؤال المعلق ، هل نحن أمام مسار حل حقيقي يفضي إلى إطلاق سراح المصباح ، أم أن ما يجري مجرد محاولة لشراء الوقت وامتصاص غضب الشارع السوداني وتنفيسه… لنا عودة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات