السبت, يونيو 21, 2025
الرئيسيةمقالاتحكومة من الشعب… وللشعب عن مبادرة د. كامل إدريس لاختيار الكفاءات عبر...

حكومة من الشعب… وللشعب عن مبادرة د. كامل إدريس لاختيار الكفاءات عبر منصة وطنية مفتوحة. بقلم: عبدالقادر عمر محمد عبدالرحمن

في خطوة جريئة وغير مسبوقة في تاريخ السودان والمنطقة، أعلن رئيس الوزراء السوداني د. كامل الطيب إدريس، أن اختيار أعضاء حكومته سيتم عبر منصة إلكترونية وطنية تستقبل السير الذاتية للكفاءات السودانية الراغبة في خدمة الوطن في الجهاز التنفيذي.
خطوة تؤسس لمرحلة جديدة من الحوكمة المفتوحة، وتبعث برسائل واضحة بأن السلطة التنفيذية القادمة لن تُبنى على المحاصصات ولا على الولاءات، بل على الجدارة وحدها.


جدوى الفكرة: بين الواقع والتطبيق

هذه المبادرة، رغم بساطتها التقنية، تحمل أبعادًا استراتيجية كبرى، نُجملها في النقاط التالية:

  1. كسر حلقة التعيين المغلق

لطالما كانت النخبة السياسية السودانية تتداول المناصب بين أسماء محدودة، سواء عبر الترضيات الحزبية أو المحاصصات المناطقية. هذه الخطوة تكسر تلك الحلقة المغلقة وتفتح الباب لآلاف العقول المؤهلة التي أُقصيت لسنوات.

  1. جمع قاعدة بيانات وطنية للكفاءات

حتى إن لم يتم تعيين كل المتقدمين في الحكومة الحالية، فإن هذه المبادرة ستُنتج بنك معلومات وطني للكوادر المؤهلة يمكن الرجوع إليه لاحقًا في خطط الدولة طويلة المدى، سواء في التخطيط الاستراتيجي أو إعادة الإعمار أو الاستثمار والإصلاح الإداري.

  1. استعادة ثقة المواطنين في العمل العام

حين يرى المواطن أن الوظائف الحكومية العليا تُفتح له عبر منصات عامة، فإنه يستعيد ثقته في دولته، ويشعر أن البلاد تعود إليه لا إلى حفنة من المحظوظين.

  1. فرصة للخبرات المهاجرة

هذه المنصة يمكن أن تكون جسرًا لعودة العقول السودانية المنتشرة حول العالم، التي كانت محرومة من الإسهام في البناء الوطني. وها هي الآن تملك قناة رسمية للعودة والمشاركة.


مرتكزات الفكرة: الشفافية والعدالة والتكافؤ

تعتمد هذه المبادرة على ثلاثة مرتكزات أساسية:

الشفافية: من خلال إتاحة التقديم لكل السودانيين، دون تمييز حزبي أو قبلي.

العدالة: إذ تتساوى فيها الفرص بين جميع المتقدمين.

تكافؤ الفرص: حيث يتنافس الناس وفق المؤهلات لا الانتماءات.

ولئن تم دعم هذه المنصة بآلية تقييم مهنية ومحايدة، فإنها قد تُحدث ثورة إدارية في كيفية اختيار صُنّاع القرار في السودان.


فوائد بعيدة المدى

تعزيز بناء الدولة الحديثة على أسس مؤسسية لا شخصية.

التأسيس لتقليد ديمقراطي إداري يمكن اعتماده في تعيينات لاحقة.

الإسهام في تغيير صورة العمل العام من مجال للفساد والترضيات إلى ميدان للتنافس الشريف وخدمة الشعب.


ختامًا: البداية الصحيحة تصنع الطريق

في بلد أنهكته الصراعات السياسية والانقلابات والتمردات، فإن هذه المبادرة البسيطة تشبه غرسًا في أرض عطشى.
قد لا تُثمر بين ليلة وضحاها، لكن الأكيد أنها تؤسس لفكر جديد:
أن الوطن لكل أبنائه، وأن القيادة تكليف لا تشريف، وأن السلطة تبدأ من الناس وتنتهي إليهم.

ولا غرو أن تأتي هذه الخطوة من رجل أممي بحجم د. كامل إدريس، الذي خبر المؤسسات الدولية ويعرف كيف تُبنى الدول الحديثة على قواعد صلبة.

السودان إذًا، على عتبة جديدة.
والكفاءة تطرق الأبواب.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات