الخميس, يونيو 19, 2025
الرئيسيةمقالاتتحبير الواقع... ...

تحبير الواقع… تجاذبات في السلطة وأطفال “يفتكهم الجوع” بقلم/ محمد شعيب

بينما يئن الأطفال، والنساء، والشيوخ، في الفاشر، من آلام الجوع؛ انغمس السياسيون ومحبو السلطة في تجاذبات ومشاكسات كعادتهم، بشأن التشكيل الوزاري المرتقب إعلانه خلال الأيام المقبلات.

ووفقاً للمعايير المطروحة للكابينة الجديدة، من قبل السيد، رئيس الوزراء الانتقالي، البروف كامل إدريس عبدالحفيظ، فإنه راهن على كفاءات تكنوقراطية أو ذوي الخبرات المتخصصة في الميادين الأكاديمية غير المتحزبة، ما أثار دخاناً كثيفاً خانقاً في المشهد السياسي لا يقل مداه من دخان المعارك العسكرية الدائرة في البلاد.

فطفق كتاب وصحافيو التنظيمات السياسية، والسياسيون، يشنون حملات إعلامية موجهة لقطع الطريق أمام تكوين أية إدارة لا تتسق مع الموجهات الفكرية، أوبالأحرى لاتتضمن كعكعة كينوناتهم وشخوصهم في السلطة الجارية ولادتها، وهو ما يكشف بجلاء واضح عن أزمة السياسة السودانية التي ترتكز على النوازع الشخصية، والحزبية، علاوة على الانتماءات الضيقة في الكيانات القبلية، والإثنية والجغرافية، وليس جعل أمر الرؤية،والرسالة، والأهداف الاستراتيجية للمشروع القومي للدولة السودانية، من المرتكزات الأساسية التي ترسم أحلام وتطلعات الشعب السوداني واقعاً يتنفس بين الناس.

ما يفضح عقلية السياسي السوداني هو طابعة الأنا، والغيرة، والتغافل، في التعاطي مع القضايا الوطنية، فالوطن الذي يعاني شعبه من المجاعة في كبريات مدنه الغربية والجنوبية، خاصةً، الفاشر، وكادوقلي، نتاج الحصار المضروب عليهما، بجانب بشاعة الحروبات النشطة بإقليمي كردفان ودارفور، فضلاً عن الحدود الدولية للولاية الشمالية؛ كان واجباً وطنياً، وإنسانياً، وأخلاقياً، للسياسيين، والصحافيين، والمدونين، والناشطين، التركيز على طبيعة الأهوال والتداعيات الماثلة الآن بأبناء بني جلدتهم، والتوجه إلى إعطاء أولوية قصوى للبحث عن الحلول العاجلة والناجعة للشعب المنكوب والعالق بتلك المناطق.

فما هو القيمة الأساسية للحكومة والسلطة القائمة، والأجهزة التنفيذية عامة، إن كانت عاجزة تماماً حتى عن الإدلاء بتصريحات إعلامية تدلل اهتمامها وحرصها القوي على أمن وسلامة مواطنيها من الإنتهاكات الواقعة عليهم، وسلك طرقاً من شأنها تفضي إلى توفير الخدمات اللازمة لهم خاصة في الغذاء والصحة؟ وهل أن المرتكز الأساس للحكم ما انفك قائماً على الاهتمام بمعاش الناس، وتحقيق الأمن، والتنمية المستدامة لهم؟ أم هو التركيز على سفاسف الأمور، مَن له الحق في المشاركة في الحكم ومَن ليس له ذلك؟

ظننا أن هذه الحرب التي قضت على آلاف الأرواح السودانية، وألحقت أضراراً بالغةً في البنية التحتية، والإقتصادية، والاجتماعية، دروس تعتبر بها القوى السياسية، والحركات الثورية، والمناضلون، في التخلص من متلازمات الفشل، والأفكار الهدامة التي توجت نتائجها في منصات حرب (15أبريل) لبناء دولةً صحيةً خاليةً من أمراض والعلات الماضية، يشارك فيها الخُلص الأقوياء والأمناء، لإعادة إعمارها وتأهيلها اجتماعيةً، واقتصادية، وسياسية، وتنموية. ولكن يبدو القراءة من ذات الكتب لاتزال مهيمنة على العقول السياسية ذوي الخواء الفكري كاستخواء البطون المحاصرة من الطعام، ويجدر هنا سؤال جوهري “أيها السياسيون” ألا تزال الأمل حاضرةً لتفريج كرب الجياع المحاصرين في مدينتي الفاشر وكادوقلي؟

الفاشر_19_6_2025م
Muhammed14209@gmail.com

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات