معركة الكرامة أكسبت الروح الوطنية بعدا أخر حيث ميزت الشعب السوداني على مدى تاريخه العريق وجهاً جديداً فى مواجهة تحديات غير مسبوقة فى تاريخنا، فمجرد التماسك الشعبي، والوعى بخطورة ما يحاك لنا والتمسك بثوابت تلك الروح الوطنية التى لا تقبل تفريطا فى أرض أو تنازلا عن مبدأ، باتت تضحية بحد ذاتها وقيمة ينبغى أن نعض عليها بالنواجذ، حيث لقنت المقاومة الشعبية العدو درساً لن ينساه أبداَ، فقد استطاعت أن تقدم للعالم نموذجاً جديداً بالوقوف مع القوات المسلحة وقياداتها وهم يتصدون بكل بسالة وفداء لهذه المؤامرة الخبيثة وأن دعمهم يمثل واجباً وطنياً على جميع الأطراف، وأتوقف أمام تعبير استخدمه السيد الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي القائد العام لقوات المسلحة بأن هذه المعركة هي معركة الشعب السوداني بكل قطاعاته المختلفة الذي يدافع عن شرفه وعرضه وسكنه ووطنه، وعن وحدة شعب وصلابة القوات المسلحة كسبيل لتحقيق النصر والحفاظ على استقرار الوطن، والكلمة فيه لمن حمل السلاح ودافع عن حياض هذا الوطن…نعم وحدة هذا الشعب كانت دائماً الرداء الذى نتدثر به فى مواجهة العواصف وأعاصير تهب على السودان من حين لآخر تحاول أن تثير نوازع الفتنة وتشعل فتيل الشقاق بين مكونات الشعب الواحد، لكن سرعان ما تصطدم بحائط صلد صنعته تجارب الصمود فى وجه الأعداء من كل لون وجنس، وجعلت من السودانيين قوة متماسكة تتجسد قوتها الحقيقية فى لحظات الأزمة وأوقات الخطر، لما للقوات المسلحة من مكانة خاصة، فهي صمام الأمان الوطن، بل هي العمود الذى تستند إليه خيمة الوطن، فيبقيها مظلة حامية ليس فقط لأبناء الوطن، بل يجعلها ملاذاً لكل الأشقاء الذين ذاقت أوطانهم مرارة الفتنة وألم الصراعات، والقوات المسلحة ليست مجرد مؤسسة عسكرية إحترافية تؤدى واجبها وفق الدستور والقانون، لكنه كيان خالد له حضور فى كل بيت سوداني، فضباط الجيش وجنوده هم أبناء هذا الشعب، يأتون من كل ربوعه ليخدموا الوطن يتفانى وإخلاص، وفي عقل وقلب كل منهم يقين لا يتزحزح بأنهم امتداد لتاريخ عريق من التضحية، وأوراق خضراء فى شجرة الوطن الوارفة التى ستبقى بهم أصلها ثابت وفرعها فى السماء، القوات المسلحة ورجالها البواسل يقمون على حماية الوطن ويحموا الأرض و العرض وهم من صانوا كرامة و شرف الأمة السودانية و لم يفرطوا فى و حدة الوطن العزيز، ضحوا بأرواحهم و حتى لا يتحكم فى سوداني (عميل أوجبان) إنهم الأوصياء على هذا الوطن والمثل الشرعي لهذا الوطن لأنهم آمنوا بالرسالة و تحدوا الصعاب لينتصر الحق و تبقى الدولة ليحيا الشعب حياة الشرفاء، الأعزاء حياة كريمة بلا ذل أو هوان، لنتذكر دوماً كل شهيد و ندعوا لهم و نصلى لهم و نشكر ذويهم أنهم قدموا لنا أبطالا صانوا الأمانة و حموا البلاد، تأمل مشاهد الأبطال من شهداء الوطن فأشعر بامتنان عميق لما قدموه من تضحيات صانت الوطن ومنحتنا أمناً واستقراراً ننعم به اليوم، وأملاً فى غد أفضل، فأطمئن إلى أن هذا الوطن باق ما بقيت تلك الروح الوطنية فى قلوبنا، فهذه ذرية بعضها من بعض، سلسال التضحية فيها لا ينقطع، وينابيع الفداء فيها خالدة خلود النيل، لعل للشهادة فى سبيل الوطن معنى يجسده كله من يخلص فى أداء واجبه عسكرياً كان أو مدنياً، فكل من يتفانى فى أداء رسالته وتقديم واجبه الوطنى على مصلحته الشخصية فهو فى منزلة الشهداء.