حقيقة تعجبت أيما تعجب للانتقادات التي وجهها الباشمهندس عثمان ميرغني في مقاله تحت عنوان وثيقة بورتسودان. وذكر أن الشعب السوداني لا يلبث أن يخرج من نفق ويدخل الذي بعده مباشرة وأن تعديل الوثيقة هو تعديل لتوطين دكتاتورية عمياء. حقيقة لا أعلم ماذا كان ينتظر الباشمهندس عثمان مثلا أن يتمكن الأعداء السيطرة على الولايات الآمنة واحتلال بقية منازل هذا الشعب الصابر وتغتصب حرائرة والحكومة تتنظر الأحزاب والأعداء ان يجلسوا في طاولة المفاوضات ويملوا عليها شروطهم؟ ام تنتظر الحكومة توقيع وثيقة نيروبي ويتم تمزيق السودان والناس تقف بلا حكومة مكتوفة الأيدي؟ . ان هذه المعجزة التي انقذ بها الجيش السوداني البلاد من مؤمرات عالمية ومن تكالب الدول عليه وحتى من جيرانه الأقارب ستظل تدرس للأجيال القادمة بوصفها واحدة من معجزات هذا القرن. ظلت البلاد منذ العام 2019 م في حالة شد وجذب واستقطاب حاد بعد أن فشلت الآله الحزبية بجميع مسمياتها في ايجاد بدائل وتوافق على نظام حكم يسع الجميع. السؤال هو هل هنالك متسع من الوقت في ظل هذه الظروف العصيبة للتوافق على وثيقة دستورية جديده؟ وما هو الزمن المتاح لذلك ومع من يتم التوافق؟ عندنا في علم المبيدات أنه في حالة ظهور أفة زراعية جديدة لن تنتظر أن يكتشف لها مبيد جديد والذي تأخذ اختباراته تقريبا فتره عشرة سنوات إنما تحاول ان تستخدم المبيدات المجازة اصلا والمتاحة لديك بعد اجراء تجارب تمهيدية كسبا للزمن. إن الايام السوداء و التشرد والنزوح والاغتصاب الذي مر بهذا الشعب جعله يفكر ألف مره في أن ينخدع بسهولة مرة اخرى كما كشفت له الكثير من الحقائق تجاه الزيف والفساد وأصحاب الوجوه المتعددة. حقيقة يحتاج هذا الشعب العظيم لفترة انتقالية تفرض فيها هيبة الدولة بقوة الحديد والنار مرحلة يبسط فيها الامن والسلام والبدء في اجراءات سلام دائم بحيث تتفرغ البلاد لتنمية متوازية في كل اقاليم البلاد ينشط فيها الاستثمار الزراعي والصناعي واستخراج كنوزنا ومعادننا في باطن الارض. فترة يقودها رجال اكفاء يعملون لمصلحة الوطن في المقام الأول ويصحب ذلك ثورة تعليمية شاملة لجيل الشباب والاطفال هذا الجيل الذي عانى كثيرا مما جناه عليه والده. دعوهم يستمتعوا بوطنهم وليحدث تغير جزري في القيم والمفاهيم البالية. ليذهب القدماء بافكارهم واعتقاداتهم واحزابهم المهترئة البالية افسحوا المجال لوجوه وجيل جديد لهذا الوطن العزيز فقد اخذ منه الدهر ما أخذ.