الزيارات المتتابعة التي يقوم بها والي ولاية الخرطوم للمؤسسات والهيئات المختلفة نهج إداري متقدم في حده الأدنى وقوف حقيقي على المنتوج ووصل بين القمة والقاعدة ، فقد جاءت زيارة الوالي للإدارة العامة للشؤون الدينية ذات طابع مغاير ومعنى أعمق. فهذه الزيارة ليست كغيرها، إذ لم تكن إلى مرفق خدمي أو إدارة تنفيذية، بل إلى المؤسسة التي تطل نوافذها على القلوب و تحتها قادة الرأي العام، وأئمة الهدي، ومعلمو الناس الخير.
إن الإدارة العامة للشؤون الدينية سيدي الوالي ليست إدارة كبقية الإدارات، بل هي نبض القيم في جسد الولاية، ومصدر الإلهام الروحي والمعنوي الذي يعيد للنفوس توازنها، وللمجتمع استقامته، وللدولة وجهها الإنساني المتصل بالله تعالى.
هي الإدارة التي تحيي القلوب بذكر الله، وتوجه الناس نحو مكارم الأخلاق، وتغرس فيهم روح العمل الصالح والبذل والإخلاص. منها ينطلق الإصلاح الحقيقي، ومنها يشرق نور الهداية الذي يبدد ظلمات الفساد والانقسام.
ولذلك، فإن زيارتك لهذه الإدارة ليست خطوات بروتوكولية إدارية فحسب، بل إشارة رمزية عميقة إلى اهتمامك كقيادة عليا في الولاية بدعم القيم والمبادئ، واستعادة مكانة الدعوة والدعاة في بناء الوجدان العام وصياغة الضمير الجمعي وتوحيد الخطاب الدعوى ونبذ خطاب الكراهية والقبلية والجهوية..
وما نرجوه من السيد والي الخرطوم، وقد عرفناه حريصًا على الإصلاح والتطوير، أن يعيد للشؤون الدينية مكانتها المستحقة، وزارة كانت أو مجلسًا جامعًا، يضم في داخله إدارات الحج والعمرة والأوقاف، لتتكامل الجهود وتتحد الرؤى الدعوية، في منظومة واحدة تحفظ الاستقرار وتضمن فاعلية الأداء وترشيد الموارد. ودونك تجارب ما زالت بقاياها شاهدة عليها..
فالعمل الدعوى في هذا الوقت من تاريخنا ليس ترفًا، بل هو ضرورة مجتمعية ووطنية، وركيزة أساسية في تثبيت الأمن الفكري والاجتماعي، وصوت الدعاة هو صوت الحق المنادي لكل فضيلة والدعاة هم خير سند للوالي في مسيرته الإصلاحية بعد عون الله وتوفيقه.
فلك التحية، أيها الوالي المفضال، على هذه الزيارة التي حملت في طياتها رسالة عميقة: أن الخرطوم لا تُبنى بالمشروعات فحسب، بل تُبنى أيضًا بالإيمان، وبمن يوقظ في الناس الضمائر، ويذكرهم بالله تعالى. طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منازل..
زيارة مختلفة.. والي الخرطوم والشؤون الدينية.. بقلم د. إسماعيل الحكيم..
