تدقيق :
- في المقال (٢) السابق ذكرت أن إبراهيم الماظ تم اسره عقب معارك قوز دنقو والتي كانت في ٢٠١٥م ، والصحيح أن إبراهيم الماظ تم اسره أثناء قيامه بطوف إداري كان يقوم به مع رفاقه بولاية غرب دارفور في ٢٠٠٩م .
- اللجنة الوطنية التي تكونت للدفاع عن المتأثرين بأحداث الهجوم على أمدرمان في مايو ٢٠٠٨م، كانت برئاسة الأستاذ فاروق أبوعيسى وليس الأستاذ علي محمود حسنين ، ود.أمين مكي رئيسا مناوبا .
لماذا هذا الحوار المفتوح مع إبراهيم الماظ .
إبراهيم الماظ من كوادر حركة الإسلام السياسي ، ويمثل الماظ جوهر وسائل الحركة المذكورة في استخدام كافة وسائل العنف خدمة لاغراضها السياسية . الماظ في بداية عهده السياسي وقد طالبا ينشط في أركان النقاش والخطابة في المناشط الطلابية ، كما وكان يستخدم السيخ والعصى في مواجهة خصوم الرأي ،ثم تحول إلى مدرسة العنف الجهادي بعد انقلاب النظام على الديمقراطية في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م، وشارك في حروب جنوب السودان تحت غطاء الجهاد الإسلامي ،وقد كانت الدعوة في جنوب السودان وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ولا تزال تحتاج إلى وسائل الحكمة والموعظة الحسنة . وبعد المفاصلة بين الترابي وتلاميذه ، وابعاد الترابي من مفاصل الدولة والسلطة بتدبير مستتر من علي عثمان ونافع علي نافع وقيادة (التسعة) وكان من ضمنهم زعيم الحركة الحالي علي كرتي كما وكان عاشرهم (المُستغل) حامد تورين .أنضم إبراهيم الماظ لحركة العدل والمساواة بقيادة د.خليل إبراهيم وخاض الحروب والمعارك ضمن حركة العدل والمساواة المذكورة ، (وفي أثناء طواف إداري للتبشير باتفاق الدوحة الإطاري في عام ٢٠٠٩م بين حركته والنظام وقتذاك) تم أسره بولاية غرب دارفور، كما ذكر في اقواله ، ثم تمت محاكمته بالإعدام . ولكن اعلام البشير كان يقول بانه تم اسره اثناء القتال .وما لم يكن يعلمه الأخ إبراهيم الماظ ماهية الجهود التي بذلت من كافة المجتمع المدني السوداني لوقف تنفيذ حكم الإعدام عليه ، لاستخلاص رقبته ورقاب رفاقه من حبل المشنقة.
الإدانة والاستخلاص من الإعدام والابعاد .
تضامنت هيئة محامي دارفور بقيادة رئيسها الأستاذ محمد عبد الله الدومة مع هيئة الدفاع التي تشكلت برئاسة الأساتذة نبيل أديب وكمال عمر عبد السلام في كل مراحل التقاضي . جاء في حيثيات قرار إدانة إبراهيم الماظ والذي أصدره القاضي معتصم تاج السر قاضي محكمة مكافحة الإرهاب الخرطوم والصادر في مارس ٢٠١٢م ، ان الماظ ورفاقه (السر جبريل تيه ومحمد خميس وإبراهيم عبد الله ويحي ابكر وعبد الله عبد الله) ، المتهمين المذكورين، قاموا بإرتكاب جرائم القتل والاغتصاب ،والاستيلاء على الممتلكات دون وجه حق، وخطف الأطفال بغرض التجنيد القسري، وحاكمتهم بالإعدام وسجن المتهم (السابع) عبد الله عبد الله عشرة سنوات وتغريبه لكبر سنه .
بعد استنفاذ الحكم الصادر في مواجهة إبراهيم الماظ ورفاقه لكافة مراحل التقاضي ،وقد صار الحكم باتا في مواجهته ومواجهة رفاقه . لم تتوقف جهود القوى المدنية والسياسية السودانية، كما باشرت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية التقدم بمذكرات لكافة مؤسسات حقوق الإنسان لوقف تنفيذ حكم الإعدام عليهم ، وتم الضغط على نظام البشير لمنع تنفيذ حكم الإعدام عليه وعلى رفاقه بكافة الوسائل الممكنة ،وتواصلت الحملات حتى اصدر المعزول البشير عفوا رئاسيا عنه وعن رفاقه قبل ثورة ديسمبر المجيدة ، ولكن اجهزته الأمنية وضعته في التوقيف لدى قسم شؤون الأجانب لترحيله إلى دولة جنوب السودان ، حتى اندلعت ثورة ديسمبر المجيدة في ٢٠١٨م ونجحت في عزل البشير، وهو الآن يوصفها بكافة النعوت السيئة ، والثورة هي صاحبة الفضل عليه في خروجه ،وقد كفلت له الحقوق والعودة لممارسة العمل السياسي بحرية .
مناهضة الإبعاد .
أطلقت المنظمات المحلية والدولية حملة كبرى لمنع ترحيل إبراهيم الماظ إلى دولة جنوب السودان قبل اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة ،وتقدمت القوى المدنية بالمذكرات لنظام البشير ضد قرار إبعاد الماظ إلى دولة جنوب السودان، فقرار إسقاط الجنسية عن المتحدرين من قبائل الجنوب صدر مخالفا لقانون الجنسية السودانية، وينص القانون على اكتساب الجنسية على الشخص الذي تتوافر فيه شروط الجنسية ، وليس على اساس الانتماء القبلي ، فالقبيلة من أدوات الاستعراف ،كما ولم يعلن الماظ التخلي عن جنسيته السودانية .
داعية للحرب بدلا عن السلام .
كان المأمول، ومن خلال تجارب إبراهيم الماظ الشخصية أن يتحول المذكور من داعية للحرب والقتال إلى داعية للسلام والتعايش السلمي ،ونبذ الحرب وخطاب الكراهية، والسعي من أجل تجنيب البلاد المزيد من أسباب الخراب والدمار والتجزئة والتقسيم ، ولكن المؤسف حقا لا يزال الماظ يرفع شعار اراقة الدماء.
إن الدافع لحوار الأخ إبراهيم الماظ عبر هذه المقالات، وذلك لتقديم النصح إليه ، ليأخذ الدروس والعبر من تجاربه الشخصية، وقد بلغ العقد السادس من عمره ،(تجاربه الشخصية وليس من تجارب غيره) ، وإذا فعل ذلك ، لتخلى بنفسه عن ثقافة القتل والحروب ، ولكرس جهوده وبقية حياته ، ليس لوقف الحرب العبثية الدائرة في السودان فحسب ، بل والعمل من أجل ترسيخ العلاقات الشعبية بين شعبي دولتي السودان وجنوب السودان، وكل شعوب دول حوض وأدي النيل . والتوقف الفوري عن المطالبة بالتدخل العسكري المصري في الحرب الدائرة في السودان ، فالسعي داخل حركته وبين رفاقه حتى تنصب جهوده وجهود أعضاء حركته بقيادة دجبريل إبراهيم في مسار إخراج البلاد من ورطة الحرب المدمرة ، خاصة أن لحركة العدل والمساواة المذكورة ورئيسها د.جبريل الدور الكبير فيها. كما وعليه وعلى حركته المذكورة البحث في سبل وخيارات السلام قبل فوات الأوان .
لقد تضامنت كل القوى السياسية والمدنية السودانية والمنظمات والمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية مع إبراهيم الماظ في محنته ، والمؤسف حقا لا ينظر الماظ لتجربته الشخصية المريرة ، ليستلهم منها العظة والعبرة ،فيدمغ المنظمات والأحزاب كلها بالعمالة والارتزاق ، ويطالب بالبل الذي صار بديلا للجهاد الإسلامي ، إن مِن مدرسة الإخوان المسلمين المعتدلة د كمال عمر عبد السلام الذي ظل ينشط من أجل إقرار التسوية السلمية لأزمات البلاد ، كما وكان شغله الشاغل إيقاف تنفيذ حكم الإعدام عليه ،كذلك حزب المؤتمر الشعبي بقيادة د.على الحاج والذي كان هو الأقرب من زعيم الحركة د الترابي ، وكان قد نشط أيضا في جهود إيقاف ابعاده الماظ إلى دولة جنوب السودان .
إن حديث الأخ إبراهيم الماظ عن العمالة والارتزاق هكذا على اطلاقه ، قد شمل جميع دعاة وقف الحرب بلا تفريق، فهل هذا الموقف الذي صدر منه ،وهو في تيه دروب السلطة ،ويضع على كتفيه رتبة الفريق ،ولا يُعرف كيف حصل عليها ، أم لفقدان حركة العدل والمساواة بقيادة د.جبريل للاتزان التام .
