الخميس, نوفمبر 13, 2025

الإعلام ونقص القادرين على التمام.. بقلم/الركابي حسن يعقوب

في دنيا الإعلام الصورة سواء أن كانت ثابتة أو متحركة فهي الأكثر والأسرع تأثيراََ من بين كل الوسائل الأخرى..
..
وهي الأرخص أيضاً إن كان المبرر هو (شح الإمكانيات) تلك الشماعة التي اهترأت من كثرة تعليق أسمال الأعذار عليها في كثير من وجوه ومجالات العمل العام.
..
حسب علمي – وأرجو أن أكون مخطئاََ – حتى الآن لم يُنتَج فيلم وثائقي واحد عن ممارسات وانتهاكات وفظائع ميليشيا الدعم السريع الإرهابية التي ارتكبتها في حق المدنيين منذ اليوم الأول للحرب بدءاً من العاصمة الخرطوم والجنينة مروراََ بالجزيرة وسنار والنيل الأبيض وغرب وشمال وجنوب كردفان وانتهاءاََ بالفاشر ..!!!!!
..
يحدث هذا للأسف بينما المادة الخام من صور وفيديوهات ووثائق وافادات ناجين ومنسلخين متوفرة بغزارة (وعلى قفا من يشيل) وتنتظر فقط المعالجة الفنية التي تحولها من مادة خام في طورها الأَوّليّ المبعثر إلى (مُنتَج نهائي) مكتمل الجودة والمواصفات الفنية والإبداعية وبقيمة مضافة ليكون في أيدي الناس في كل قارات الدنيا بضغطة زر واحدة في وقت لا يجاوز ما بين طرْفَة عين و انتباهتها..

عن الجهات الاحترافية المسؤولة أتحدث، فالناشطون والمؤثرون الوطنيون والهواة أدوا فروضهم الوطنية وما يزالون يؤدونها بما تيسر لهم من مالهم الخاص اقتطعوه من معيشتهم وجعلوا منه لوطنهم نصيبًا مفروضاََ تدفعهم إلى ذلك روح وطنية وثابة.. أنفقوا أموالهم ليصدوا عن بلدهم أقذر وأكبر مؤامرة تعرض لها بلد في التاريخ..وإن كان هذا الجهد الخاص الذي أدى الغرض منه يحمد لهم ويشكرون عليه، إلا أنه يظل في المحصلة الأخيرة جهد هواة متطوعين لا عمل محترفين ذوي خبرة ..
..
الإخوة في وزارة الثقافة والإعلام والسياحة نشهد لكم أنكم لستم عاطلين عن الإبداع ولا تنقصكم الهمة والعزيمة والمثابرة، وهذا ليس من باب المجاملة، بل هو ما شهدناه فيكم وأنتم تؤدون عملكم في أحلك الظروف طوال أشهر الحرب وتصنعون الفارق رغم أنكم كنتم مستهدفون من قبل الميليشيا الإرهابية، من زملائكم من مضى شهيداً، ومن وقع أسيراََ لكنكم لم تستسلموا، أنتم مؤهلون علمياََ امتزج عندكم التأهيل العلمي بالخبرة المعتقة المتطاولة وبالمواكبة الحثيثة للطفرة الهائلة والمتسارعة الحادثة في مجال تقنية الإتصال ووسائل التأثير على الرأي العام وتوجيهه لخدمة مصالح الدولة ومقاومة تيارات الدعاية المضادة وتفنيدها..
..
كما تعلمون فإن الأفلام الوثائقية القصيرة المحملة بمضامين محددة ورسائل موجهة Oriented Messages لها تأثيرها القوي على العقول والقلوب والضمائر وهي لغة إنسانية عالمية تفهمها وتتحدثها كل شعوب الأرض.
..
العدو الراعي للميليشيا ومن أول يوم إعتمد (الإنكار) كوسيلة للدفاع عن نفسه في مواجهة اتهامات السودان له، وكما هو معلوم فإن الإنكار هو السلاح الوحيد في يد المجرم يدافع به عن نفسه ما وسعه ذلك، لكن ما يلبث أن ينهار ويعترف مع تدفق سيل الأدلة والبراهين الدامغة التي تدحض إنكاره وتقيم عليه الحجة وتثبت عليه التهمة، ولا شيء يضاهي أو يفوق الصورة والوثائق واعترافات الأسرى والمقبوض عليهم وهم متلبسون بالجرم Red handed في إثبات الجريمة وإدانة المجرم.
..

نحن على حق ونملك كل ما يثبت هذا الحق فلنحسن إقامة الحجة ولنشرك العالم كله في ذلك ولنخاطب الشعوب بالمقام الأول لا الحكومات وحدها، ولا المنظمات وحدها فالشعوب لا تتآمر ولا ترتشي ولا تنافق ولكن الحكومات والمنظمات تفعل ، حريٌ بنا أن نحيط الشعوب علماََ بالحقائق لتعرف مَن وراء الفظائع والانتهاكات ومَن المجرم الحقيقي الممول والمخطط والحاضن وقد بدأ الناس في أقطار الأرض يعرفونه بسيماه وبلحن القول ، لكن نريد أن لا تشوب هذه المعرفة أي شائبة. فلماذا لا تفعلونها وأنتم قادرون مقتدرون على فعلها..!!!
..
صراحة لا أجد جواباََ لهذا السؤال المحير سوى ترديد بيت المتنبي في قصيدته الميمية الشهيرة :
ولم أرَ في عيوب الناس عيباََ كنقص القادرين على التمام..
..

العدو الآن يريد الإفلات من العقاب وسيعمل على ذلك بشتى السبل فلنحكم الدائرة عليه ولنضيق الخناق عليه ولنسد كل منافذ الفرار والهروب والإفلات في وجهه بمزيد من العمل الإعلامي الذكي المواكب غير التقليدي، المبادر وليس المتباطيء..!!!
..

لتكن لدينا منظومة مضادات إعلامية لمُسيّرات الدعاية السوداء المذخّرة بالكذب والتزييف والتلفيق التي تطلقها في الفضاء الإسفيري غرف العدو بكثافة لتواري بها عورته كلما إنحسر عنها لباس الزيف والخديعة والإنكار.
..
فلتكن نفرة تستنهض همم وعزائم أهل الإعلام من الذين اصطفوا في صف الوطن وآثروا وضع أقلامهم وأفكارهم ومواهبهم وإبداعاتهم وعلمهم وخبراتهم نصرة لوطنهم العزيز وبِراََ لترابه الغالي للمنافحة عنه ضد غزو عربان الشتات مغول الألفية الثالثة هم ومن معهم من المنبوذين من دول الجوار ومن الهاربين من السجون من مروجي المخدرات والقتلة المأجورين من كولومبيا وغيرها من أصقاع أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية ..
..

على الدولة أن تولي الإعلام اهتماماََ أكبر وأن ترصد له من خزائنها ما يمكنه من القيام بدوره على الوجه المطلوب ومعركة الإعلام لا تقل ضراوة عن المواجهة في ميادين القتال..
..

فالكلمة سلاح..
والصورة سلاح..
والفكرة سلاح..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات