دولة رئيس الوزراء،
في ظل ما يعيشه السودان من حرب وجودية وضغوط اقتصادية خانقة، ينتظر الشعب السوداني من حكومته الجديدة أن تكون حكومة أمل حقيقي، لا أن تسلك مسارات الحكومات السابقة في الارتماء على أعتاب العواصم والبحث عن مساعدات من دول حددت مواقفها العدائية تجاه قضيتنا الوطنية منذ اليوم الأول للحرب.
لقد تابع الشعب السوداني بقلق كثرة الزيارات الخارجية التي لا يجد فيها ما يطمئنه، بل يرى فيها صورة مذلة توحي بالتسول السياسي والاقتصادي. والسؤال المشروع هنا: هل تلك الزيارات تتم بدعوة رسمية من الدول المعنية، أم أنها مبادرات فردية من مكتبكم تسعى فقط لطرق الأبواب؟
إن حكومة رفعت شعار “الأمل” يجب أن تبدأ بتنفيذ وعودها داخل السودان قبل أن تلهث وراء الآخرين. أولوياتكم واضحة للشعب، وهي:
- إكمال هياكل الدولة التنفيذية والتشريعية، لتثبيت مؤسسات حقيقية تعبّر عن إرادة الناس.
- محاربة الفساد بجرأة وشجاعة، لأن أخطر ما دمّر الحكومات السابقة هو تمكين الفاسدين، الذين أكلوا قوت الشعب وتركوه في العراء.
- الاعتماد على الموارد الذاتية، فالسودان ليس فقيراً، بل غنياً بموارده الطبيعية والزراعية والمعدنية، وغنياً أكثر بإنسانه الصبور المبدع.
لقد جرّبنا من قبل سياسة الاستجداء والارتماء في أحضان الخارج، وكانت النتيجة إذلالاً للوطن واستباحة لسيادته.
وليس من المقبول أن تكرر حكومتكم نفس الأخطاء.
رسالة الشعب إليكم
يا د. كامل إدريس:
عزة وكرامة السودان لا تُشترى بالمساعدات المشروطة.
سيادة السودان لا تُرهن لابتسامات صفراء من عواصم لا تحترم إرادتنا.
الشعب السوداني يريد قادة يقفون معه في الميدان، يتحملون معه أوجاع البعوض وقلة الدواء وندرة الخبز، لا قادة يلوذون بمقاعد الدرجة الأولى في طائرات الخارج.
ختاماً
إن أعظم زيارة يمكن أن تقوموا بها اليوم ليست إلى الرياض ولا إلى أي عاصمة أخرى، بل إلى قرى النزوح حيث النساء والأطفال يعانون، وإلى خطوط الجبهات حيث جنودنا الأبطال يدافعون عن الوطن. هناك فقط ستجدون الشرعية الحقيقية والاحترام الصادق.
فلتكن حكومتكم حكومة أفعال داخلية لا استعراضات خارجية.
ولتثبتوا أن الأمل الذي وعدتم به ليس شعارات، بل عزيمة وقرارات وسياسات جادة تعيد بناء السودان من الداخل.
