في خضمّ فوضى الحرب وتعدد مراكز النفوذ، برزت المنظومة الأمنية السودانية كرقم صعب في معادلة البقاء، لا بصفتها أداة قمع كما يُروّج البعض، بل كدرع واقٍ يحاول كسر شوكة المؤامرة التي حيكت ضد الدولة السودانية، وإعادة بناء وطن كاد أن يُنهب أمام أعين أهله.
أمن مُخترق… ودولة مستهدفة
لم يكن الوضع الأمني في السودان مجرد خلل إداري أو سوء تنسيق، بل كان ثمرة اختراق ممنهج بدأ منذ سنوات. أجهزة أمنية تم تفكيكها، مؤسسات تم تجفيفها من الكفاءات، وحدود تُفتح وتُغلق وفق أجندات خارجية. السودان لم يكن فقط في حرب، بل كان في مؤامرة شاملة تستهدف وجوده الجغرافي والسيادي.
المؤسسة الأمنية من التفكيك إلى الاستفاقة
بعد الثورة، دخلت المؤسسة الأمنية في حالة ارتباك. وبدلاً من إعادة هيكلتها بشكل علمي متماسك، جرى تفكيكها دون بديل، لتُترك البلاد مكشوفة أمام مهددات داخلية وخارجية. ولكن، ومع تصاعد الانهيار، بدأت حالة من الاستفاقة والتماسك التدريجي داخل بعض أركان المنظومة الأمنية، أدركت فيها أن الوطن ليس سلعة تُساوم، وأن حفظ الأمن هو العمود الفقري لبقاء الدولة.
كسر المؤامرة… ليس بالبيانات بل بالأفعال
واجهت المنظومة الأمنية حربًا مركبة: عسكرية، إعلامية، ونفسية. محاولة شيطنتها وتحطيم صورتها الوطنية لم تتوقف، بل كانت جزءًا من أدوات تفكيك الدولة. لكن الرد لم يأتِ عبر التصريحات، بل عبر إعادة الانتشار، جمع المعلومات، حماية الحدود، وضرب شبكات التجسس والتهريب.
وطن مُلكوم: حين يُستعاد الوطن من بين أنياب التمزق
السودان اليوم لا يحتاج فقط إلى سلام، بل إلى استعادة وطن مسلوب الإرادة والقرار. وطن “مُلكوم” — تم العبث بسيادته، والتدخل في شؤونه، وتوزيع خرائطه بين مصالح الخارج والداخل. إعادة الهيبة تبدأ من إصلاح المؤسسة الأمنية كقلب نابض للدولة، ورفض مشاريع التقسيم والوصاية، ومحاسبة كل من تآمر على أمن البلاد.
تحديات ما بعد الاستعادة
نجاح المؤسسة الأمنية في كسر المؤامرة لا يعني نهاية الطريق. بل هو بداية لمعركة أخرى: إعادة الثقة مع المواطن، تأسيس أمن يُحترم ولا يُخشى، بناء جيش قومي واحد، وقطع الطريق على كل مليشيا أو ولاء مزدوج. هذه المعركة تتطلب وعيًا سياسيًا ومجتمعيًا بأن الأمن ليس خصمًا، بل شريكًا في استعادة السودان الذي نريد.
آخر الكلام :
إن كسر شوكة المؤامرة لا يُقاس فقط بإفشال خطة، بل بإعادة تعريف الوطن كقيمة وسيادة وهوية. السودان الذي أرادوه ضعيفًا، يُعاد اليوم تشكيله بأيدٍ صلبة. ويبقى السؤال: هل نقف مع من يحمي الدولة، أم مع من أراد أن ينهشها من الداخل؟
التاريخ لا يرحم المتفرجين