تهيمن الأرقام والمؤشرات والتحليلات الصارمة على بيئات العمل، فينسى كثيرون أن الإدارة ليست علمًا فقط، بل هي أيضًا فنٌ وحسٌ وجمال. فالإدارة الفعالة هي ليست تلك التي تسيّر الأعمال فحسب، بل التي تزرع الإلهام، وتُحفّز الإبداع، وتبني بيئة عمل يشعر فيها الجميع بالانتماء..
هل يمكن اعتبار الإدارة فنًا؟
نعم، فالإدارة تتضمن مهارات عدة…
كاختيار التوقيت المناسب للقرار.
وقراءة المشاعر والسلوكيات داخل الفريق.
وايضا توجيه الآخرين دون صراخ أو إجبار.
وهذه كلها مهارات لا تُكتسب من الكتب فقط، بل من الذوق، والخيال، والقدرة على “رؤية الصورة الكبيرة” — تمامًا كما يفعل الفنان….
ومن هنا كيف يخدم الجمال بيئة العمل؟
- الجمال البصري )للبيئة): مكتب جميل،و ألوان مريحة، ذو تصميم مرتب
هناك دراسات عديدة تؤكد أن البيئة الجمالية تحفّز الإبداع وتخفف التوتر بنسبة تصل إلى 20٪. - الجمال السلوكي: حين يكون التواصل راقيًا، واللغة محترمة، والتقدير جزءًا من ثقافة الفريق، يشعر الموظف أنه في مكان “جميل أخلاقيًا”.
- الجمال الإداري: توصيل الفكرة ببساطة، وان تُبهر دون تعقيد، أن تُلهم دون ضغط — هذا هو “الجمال الإداري”.
فالفن لا يقتصر على اللوحات والموسيقى، بل يشمل كل ما يُستخدم لتحفيز المشاعر وتوضيح الأفكار. في الإدارة، يمكن للفن أن يخدم في الاتي :
العروض التقديمية الجذابة….
تصميم الحملات (تحفيز – تغيير – تدريب).
وسرد قصص النجاح بشكل بصري مؤثر.
وتحفيز الفرق عبر أنشطة فنية، خاصة في أوقات التوتر…
فمثلا في بيئات مثل السودان، حيث تعيش المؤسسات تحت ضغط سياسي واقتصادي، يصبح الجمال وسيلة مقاومة ذكية.
أن تُدير مؤسسة في بيئة متوترة يعني أنك تحتاج إلى الكثير
مثل تعزيز الروح الجماعية (من خلال أنشطة فنية مشتركة).
وتبسيط العمليات برسومات بصرية جذابة .
ولا ننسى استخدام اللون والموسيقى والمساحة بذكاء.
فالجمال هنا ليس ترفًا، بل جزء من الصمود اليومي.
…ولا ننكر إذ نرى العالم يتجه أكثر فأكثر نحو الأتمتة والذكاء الاصطناعي، ولكن تظل اللمسة الإنسانية هي سر الإدارة الناجحة.
والفن والجمال هما جوهر هذه اللمسة.
الإدارة التي تغفل عن الجمال قد تنجح على الورق، لكنها ستخسر في النفوس…
أما الإدارة التي تحتضن الفن، فستبني مؤسسات حيّة مُلهَمة، قادرة على التميّز رغم التحديات.