الجمعة, يوليو 4, 2025
الرئيسيةمقالاتبعد العودة إلى الخرطوم… لا بد من التغيير الشامل. ...

بعد العودة إلى الخرطوم… لا بد من التغيير الشامل. بقلم: عبدالقادر عمر محمد عبدالرحمن

العودة إلى الخرطوم ليست مجرد حركة جغرافية نحو العاصمة، بل هي لحظة مراجعة شاملة لكل ما كان، وتأسيس جديد لما ينبغي أن يكون. الخرطوم، التي صبرت وعانت، لا تحتاج إلى عودة البشر فحسب، بل تحتاج إلى عودة العقل، والنظام، والدولة بمؤسساتها وهيبتها.

لقد آن الأوان لأن نعيد النظر في أسلوب إدارتنا للحياة العامة، والاقتصاد، والخدمات. الخرطوم يجب أن تكون النموذج الأول لتطبيق قواعد القانون والنظام الحضري، لا فوضى الأسواق، ولا التهرب الضريبي، ولا التجاوزات التي باتت عرفًا تحت غطاء “الاستثناء”.

الخرطوم الجديدة… تبدأ من احترام القانون

في المرحلة المقبلة، يجب أن يسود القانون على الجميع دون استثناء. احترام القانون ليس ترفًا إداريًا، بل أساس لبناء دولة المؤسسات. لا يمكن أن ننتصر على الفوضى الأمنية إذا لم ننتصر أولًا على الفوضى الاقتصادية والسلوكية.

وهذا يتطلب:

تنظيم الأسواق وفتح السجلات الرسمية لكل الأنشطة التجارية والخدمية.

إلزام كل من يمارس نشاطًا اقتصاديًا أو خدميًا بالتسجيل، والحصول على رقم عمل، وترخيص بلدي، وملف ضريبي.

فرض نظام إلكتروني موحد للفوترة والمتابعة، يقلل التهرب ويزيد الشفافية.

مركز معلومات موحد… قلب الدولة النابض

لا يمكن لأي مؤسسة ضريبية أو بلدية أن تقوم بواجبها إن لم تكن لديها بيانات دقيقة. ولهذا، فإن إنشاء مركز معلومات موحد في ولاية الخرطوم يصبح من أولى الأولويات.

هذا المركز سيكون قاعدة بيانات لجميع الأنشطة التجارية والخدمية والسكنية، يربط بين الضرائب، البلدية، الشرطة، جهاز حماية المستهلك، وغيرهم. بهذه الطريقة نؤسس لما يُسمى “الاقتصاد المعلوم”، الذي يمكن التحكم فيه وتطويره وتحفيزه.

الخرطوم لا تنهض بالقرارات المرتجلة

علينا أن نعترف بأن أحد أسباب الفوضى السابقة هو غياب الرؤية والتخطيط. المرحلة القادمة يجب أن تقوم على:

خطة واضحة لتنظيم الأسواق داخل الأحياء والمراكز الكبرى.

تحفيز القطاع الخاص للعمل ضمن النطاق الرسمي من خلال حوافز ضريبية ومصرفية.

تأهيل كوادر محلية للعمل في الضبط والمراقبة والتحصيل، لتقليل الفساد وزيادة الكفاءة.

حملات إعلامية وتوعوية ضخمة تشرح للمواطنين فوائد الانتقال من الفوضى إلى النظام.

لماذا الآن؟

لأن الخرطوم، ببساطة، لا يمكن أن تعود إلى سابق عهدها.
لأن الدولة التي انتصرت في الميدان، يجب أن تنتصر في الاقتصاد والتنظيم والإدارة.
لأن المواطن السوداني لا يستحق فقط الأمن، بل يستحق الخدمة والعدالة والنظام.

المرحلة القادمة هي مرحلة التغيير الحقيقي…
ولن ننهض إن لم نضع القوانين فوق الجميع،
والمؤسسات في قلب كل شارع،
والمعلومات في خدمة القرار.

فليكن شعارنا في الخرطوم القادمة:
دولة القانون، لا فوضى العصابات.
نظام المؤسسات، لا اجتهادات الأفراد.
إنتاج ومعرفة، لا تهرب وفوضى.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات