الإثنين, يونيو 30, 2025
الرئيسيةمقالاتعمق المشهد ...

عمق المشهد البرهان يتمسك بالهدنة الإنسانية في الفاشر وسط تعنت الميليشيا ورفضها لإغاثة المدنيين بقلم:عصام حسن علي

في وقتٍ تعاني فيه مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، من وضع إنساني بالغ التعقيد جراء الحصار والمعارك الضارية، جدّد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، تمسكه التام بهدنة إنسانية شاملة في المدينة بعد تلقّيه اتصالًا هاتفيًا من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حرصاً على حياة المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، في موقف يعكس مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها في مناطق النزاع، رغم التصعيد المستمر من قبل ميليشيا الدعم السريع.

هدنة مشروطة بالوصول الإنساني الآمن

أكدت مصادر رفيعة في رئاسة مجلس السيادة أن الفريق البرهان وجّه قيادة الجيش في الفاشر بضبط النفس والالتزام الكامل بوقف إطلاق النار في حال التزمت الميليشيا بفتح ممرات آمنة لدخول الغذاء والدواء، والسماح للمنظمات الإنسانية بإجلاء الجرحى ونقل المساعدات إلى المناطق المنكوبة داخل المدينة. وأضافت المصادر أن “البرهان يرى أن حماية المدنيين وتخفيف معاناتهم تمثل أولوية قصوى، حتى لو استغلت الميليشيا الهدنة لإعادة تموضعها عسكرياً.”

الميليشيا ترفض وتعرقل

في المقابل، تواصل ميليشيا الدعم السريع نهجها المتشدد، إذ رفضت بشكل قاطع المقترحات التي تقدمت بها منظمات أممية بشأن فتح ممرات إنسانية محمية، وهددت باستهداف أي قوافل إغاثية تدخل المدينة عبر المسارات غير الخاضعة لسيطرتها. وأفادت تقارير ميدانية بأن الميليشيا عمدت إلى قصف مناطق آهلة بالسكان بالقرب من خطوط التماس، مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات، بينهم نساء وأطفال، في محاولة لإجبار السكان على النزوح واستخدامهم كدروع بشرية.

أهداف خفية وراء الحصار

يقول محللون إن رفض الميليشيا للهدنة الإنسانية يكشف عن نوايا مبيتة تتجاوز المعركة العسكرية. فالهدف، حسبما تشير تقارير استخباراتية، هو فرض واقع ديموغرافي جديد في الفاشر عبر التهجير القسري، وضرب النسيج الاجتماعي للمدينة التي ظلت عصية على تمدد الميليشيا. كما تسعى الميليشيا إلى الضغط السياسي والإعلامي من خلال افتعال أزمة إنسانية ثم تحميل المسؤولية للجيش، رغم أن الممرات التي اقترحتها الحكومة والمعابر التي أمنتها القوات المسلحة ظلت مفتوحة في انتظار التزام الطرف الآخر.

دعوات دولية وتجاهل ممنهج

رغم المناشدات المتكررة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمات الإغاثة الدولية بضرورة وقف القتال في الفاشر وتوفير ممرات إنسانية عاجلة، إلا أن قيادة الميليشيا ترفض أي رقابة دولية أو تنسيق ميداني حقيقي يسمح بإيصال المساعدات، وهو ما يطرح تساؤلات حول الجهات التي تدعم هذا التعنت وتوفر له الغطاء.

البرهان: “لن نرد على القصف بالقصف حين يكون المدنيون في المنتصف”

في تصريح سابق له، شدد الفريق أول البرهان على أن الجيش السوداني “لن ينجر إلى معركة متهورة داخل المدن مهما كان حجم الاستفزاز”، مؤكداً أن “حماية المدنيين تمثل جوهر عقيدتنا القتالية”. وأضاف: “صبرنا لن يطول إذا استمرت الجرائم بحق الأبرياء، لكننا حتى اللحظة نغلب صوت العقل والمصلحة الوطنية.”

خلاصة المشهد

بينما يواصل الجيش السوداني ضبط النفس ويلتزم بالهدنة مراعاة للواقع الإنساني المؤلم، تزداد ميليشيا الدعم السريع تعنتاً وتغلق الباب أمام أي أمل في تخفيف معاناة المدنيين. وفي ظل هذا التباين الحاد في المواقف، يظل صوت البرهان المتزن والداعي للهدنة شاهداً على أن الدولة لا تزال تسعى إلى الحلول الإنسانية، بينما يصر الطرف الآخر على استخدام الجوع والمعاناة كسلاح حرب.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات