في كل مرحلة من مراحل الأزمات، تبرز شخصيات قادرة على كسر الجمود، وشحذ همم الناس، ومد جسور الأمل نحو غد أفضل. والي الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، يثبت يوماً بعد يوم أنه واحد من هؤلاء القادرين على العزف علي لحن العطاء المتصل في سبيل عودة الخرطوم إلى سابق عهدها: مدينة آمنة، مستقرة، نابضة بالحياة في كل جوانبها وقد جاءت بشارته الأخيرة بالأمس، حول قرب طي صفحة برمجة قطوعات التيار الكهربائي خلال اليومين القادمين، واستقرار بقية الخدمات بشكل تدريجي، كجرعة أمل كبيرة للناس الذين يترقبون أي بارقة نور وسط ظلام الأزمة الممتدة.
هذه الجهود الرسمية المباركة لا بد أن تجد الدعم والسند من الجهود الشعبية والمجتمعية، فعودة الخرطوم ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي معركة وواجب جماعي. ما تحتاجه الخرطوم اليوم هو مبادرات مجتمعية جديدة ومبتكرة تتجاوز فكرة التكايا التقليدية التي تقدم الطعام للمحتاجين ـ تلك المرحلة تخطّاها المواطن الذي لم يعد يطلب “السمكة”، بل يبحث عن “سنارة” يصطاد بها رزقه ويؤمن بها مستقبل أسرته وهنا تأتي الدعوة صادقة ومخلصة لرجال الأعمال، ولشركات القطاع الخاص، ولأهل المال والخير أن تحرّكوا الآن… الخرطوم تناديكم. آن أوان إطلاق مشروعات إنتاجية حقيقية تُعيد عجلة الاقتصاد إلى الدوران، وتستوعب آلاف الأيادي القادرة والراغبة في البناء والتعمير. الخرطوم اليوم تحتاج إلى ورش العمل أكثر من موائد الطعام… إلى مصانع نشطة أكثر من مراكز الإغاثة… إلى مشروعات تنموية تعيد للناس كرامتهم وأملهم في الغد إذا ما التقت جهود الحكومة بقيادة الوالي، مع عزيمة المجتمع وروح المبادرة لدى القطاع الخاص، يمكننا أن نكتب معاً الصفحة الجديدة المنتظرة: عودة الخرطوم… إلى الحياة.