الثلاثاء, يونيو 17, 2025

التوقيع في دفتر العطاء الوطني .. بقلم د.إسماعيل الحكيم..


يخطّ الشعب السوداني اليوم صفحة ناصعة في دفتر العطاء الوطني الممتد ، إذ أعلن عدد من المواطنين الأحرار مبادرة عظيمة تفيض بالكرامة والوفاء ، واضعين منازلهم تحت تصرّف رئيس الوزراء المكلّف د. كامل إدريس، ليستخدمها كيف يشاء، وفي أي مرفق حكومي يراه مناسباً، من دون قيد أو شرط.. سوى أن تنهض الدولة ويُبنى الوطن من جديد . فهذا مشهد لم نر َ له مثيلاً ولا يُرى إلا في سجلّات التاريخ المجيد، ولن يُكتب إلا في دفاتر النبلاء الأوفياء ، لتقرأه الأجيال قٍيّمَاً تتنزل كتنزل الوحي على أهل الرسالات
إنه موقف زلزل الوجدان، وأحيا العزائم وبعث في الأرواح الطمأنينة بأن هذا الشعب، رغم كل الجراح، لم يفقد بوصلته، ولم ينسَ قِيَمه الوطنية. ففي وقتٍ يُنتظر فيه من الحكومات أن تحنو على مواطنيها، وتُقدّم لهم سُبل العيش الكريم بعد حرب طاحنة قضت على الأخضر واليابس يفاجئ السودانيون العالم بأنهم هم من يبادرون، ويقفون في الصفوف الأولى دعماً لحكومتهم المرتقبة ، مقدّمين ما بقي لهم من مأوى وما نجا من عبث الجنجويد ، لا منّة فيه ولا رياء ، بل خالصًا لله والوطن.
كيف لا؟ وهم أبناء هذا البلد الذي علّم الأمم معنى الكرامة والبذل والعطاء ، وكتب على جدران المعاناة “نحن الوطن والوطن نحن”. فمن تشرّد ونزح وذاق مرارات الحرب، لا يزال يحمل قلبًا عامرًا بالإيمان للوطن ، ويفتح بيته ليُبنى الوطن كما يفتح قلبه للقاء من يحب ، لا ليُستغل إلا ليُخدم الشعب ولا ليُترف به المتنفّذون.
ليست هذه مبادرة عابرة .. إنها صرخة وفاء، ودعوة صدق وميثاق شرف وعنوان إخاء وعربون مودة لإعادة تعريف العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، بين الدولة ومواطنيها.. فهنا لا تُبنى الحكومات على الورق والتمني، بل على الجدران التي تفتّحت لها أبواب البيوت السودانية طيبة بها الأنفس ، من أجل أرضٍ عزيزة وعِرض أعز ، ورايةٍ خفاقة لا تنكّس ونصر مستحق بإذن الله تعالى.
إنّ هذا الشعب لا يستجدي أحدًا ولا يعرف هذا السلوك كيف لا وهو دائماً يده عليا وكلتا يديه يمين .. إنما ينهض ليمنح ويعطي ، ويبادر ليُنجز، ويسبق حكومته في فعل البناء. إنها أعظم صور الولاء الوطني حين يتجلى الجود في أسمى معانيه أن يُوقف الإنسان بيته نصرةً لدولته وهو طريد ، وينتصر لقضيته وإن بعدت المسافات ، واثقاً في رجال الدولة الشرفاء.
إذن لكل من قدّم بيته ليكون مقرًا لمرفق حكومي.. لكم التحيّة والإجلال. أنتم لستم فقط بناة الجدران، بل بناة القيم والكرامة. أنتم من سطّرتم للعالم درسًا في الوطنية لا يُنسى.
أيّها السودانيون الشرفاء، لا خوف على وطن فيه من يُؤْثِر على نفسه ولو كان به خصاصة. الله اكبر والعزة للسودان شعباً وحكومة ..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات