حياة الخليفة العادل عمر بن الخطاب حافلة بالمواقف الإنسانية والمسئولية المجتمعية تجاه الرعية، وفي إحدى المرات شد انتباه عمر بن الخطاب أن أبا بكر يخرج إلى أطراف المدينة بعد صلاة الفجر ويدخل بيتا صغيرا لساعات ثم ينصرف إلى بيته..وكان سيدنا عمر بن الخطاب يعرف كل ما يفعله أبو بكر الصديق من خير إلا سر هذا البيت ..!! مرت الأيام ومازال خليفة المؤمنين ابوبكر الصديق يزور هذا البيت..!!! ومازال عمر رضي الله عنه يعرف ماذا يفعل سيدنا أبو بكر الصديق داخله، فقرر عمر دخول البيت بعد خروج أبو بكر منه.. ليشاهد بعينه ما بداخله، وليعرف ماذا يفعل فيه الصديق بعد صلاة الفجر….!! حينما دخل عمر هذا الكوخ الصغير وجد سيده عجوز لا تقوي علي الحراك ليس لها أحد..كما أنها عمياء العينين ولم يجد شيئاً آخر في هذا البيت…!!! فإستغرب ابن الخطاب مما شاهد..؟؟!! وأراد أن يعرف ما سر علاقة الصديق بهذه العجوز العمياء..؟؟!! سأل عمر العجوز : ماذا يفعل هذا الرجل عندكم..؟؟؟ يقصد أبو بكر الصديق
فأجابت العجوز وقالت : والله لا أعلم يا بني ..فهذا الرجل يأتي كل صباح وينظف لي البيت ويكنسه ومن ثم يعد لي الطعام وينصرف دون أن يكلمني…!!!! ولما مات أبو بكر قام عمر باستكمال رعاية العجوز الضريرة، فقالت له:أمات صاحبك..؟؟؟قال :وماأدراك ..؟؟
قالت : جئتني بالتمر ولم تنزع منه النوى..!! جثم عمر بن الخطاب على ركبتيه وفاضت عيناه بالدموع وقال عبارته الشهيرة:(لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر…)….انبكي أبا بكر أم نبكي عمر أم نبكي ع حالنا في الشح والبخل في مساعدة الأخرين في أي حاجة من الحاجات..!!.
أيضاً عمل بكل جهد واجتهاد على تقديم نهج إداري متميز، حيث شهد منهج النظم الإدارية، نقلة حضارية كبرى وهذا وفق القاعدة التي تقول الإدارة الصحيحة لأي عمل مهما كان تحتاج إلى حكمة، لأن الإدارة تتعامل مع بشر ولا تتعامل مع تروس، وقد كان عمر بن الخطاب حكيماً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان مما جعله مؤهلاً لحمل هذه الأمانة العظيمة..وهي إدارة الدولة الإسلامية في هذا الوقت الحرج من التاريخ الإسلامي، وفي عصره حدثت طفرة هائلة على مستوى الدولة الإسلامية ونظامها الإداري وظهرت في مدى اهتمامه الكبير بالنظم الإدارية، ففي عهده ترسخت التقاليد الإدارية الإسلامية، وتذكر المصادر التاريخية أن عمر بن الخطاب دون الدواوين، وأعطى العطايا، وأعماله دلت على مرونة العقلية الإسلامية وقبولها للتطوير، وتمثل هذا في اهتمام الفاروق عمر بالتنظيم الإداري للدولة، وخاصة أن الفتوحات قد أدت إلى اتساع مساحة الدولة الإسلامية في عهده، فقام عمر بن الخطاب بعدة إجراءات تمثلت في فصل السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية، وأكد استقلال القضاء، كما اهتم بأمر الأقاليم ووطد العلاقة بين العاصمة المركزية في المدينة المنورة وبين الولاة في أجزاء الدولة الإسلامية، وكان لايتهاون مع الأمراء، وكان يوصيهم خيرا بأهالي الأمصار، وكان يقتص من عماله إذا شكا إليه أحد الرعية.. حيث يجمع بينه وبين من شكاه فإن صح عليه أمر يستحق العقاب عاقبه .
وعمر بن الخطاب هو أول من عمل بالتقويم الهجري وذلك في العام السادس عشر للهجرة، كما أنه وضع تقليدا بتأريخ الكتب والرسائل وختم بالطين.
كما شهد عصره إضافة إلى ذلك تنظيمات إدارية متنوعة فنظم أسس بيت المال ووضع نظاما له، وكان يتفقد الرعية في الليل ويزور المسلمين، وكان يراقب المدينة ويحرسها…كما كان يراقب أسواق المدينة ووضع موظفين لذلك وكان يقضي بين الناس، وهو في هذا كله يتأسى بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.