الخميس, أبريل 24, 2025
الرئيسيةمقالاتالشرطة في خدمة الشعب بقلم د. إسماعيل...

الشرطة في خدمة الشعب بقلم د. إسماعيل الحكيم


لقد مثّل غياب الشرطة خلال الأشهر الماضية أحد أخطر مظاهر الانفلات الأمني، حيث تقطّعت أوصال الخرطوم بين أزيز الرصاص وهدير المدافع، وغابت سلطة الدولة عن شوارعها ومرافقها، حتى أصبحت مأوى للفوضى والانتهاكات. ولكن اليوم، ومع هذا الإعلان الحاسم، تعود الدولة من بوابة القانون، وتبعث برسالة واضحة لن تُترك الخرطوم فريسة للفوضى، ولن يُترك الشعب وحده. ففي خضمّ المعاناة تنهض الإرادات العظيمة، وفي قلب العواصف، يولد الأمل من رحم الألم. هكذا تجسدت عودة الشرطة السودانية إلى شوارع ولاية الخرطوم، بنسبة انتشار تجاوزت 80%، كما أعلنت وزارة الداخلية السودانية مؤخراً. فهذه العودة ليست مجرد أرقام على الورق، بل هي نبض أمان بدأ يعود إلى مدينة أنهكتها الحرب، واستباحها غياب القانون منذ اندلاع حرب الكرامة في أبريل 2023م.
إن عودة الشرطة بهذا الزخم تعني ما هو أكثر من مجرد تواجد عسكري أو أمني إنها عودة الثقة، وعودة الحق إلى أهله، وعودة الحياة إلى مسارها الطبيعي. فتسجيل البلاغات يعني أن الحقوق لم تذهب هباء، وأن المظلومين لم يُنسوا، وأن العدالة لا تزال تنبض في شرايين هذه الأمة الجريحة.
ومع عودة الشرطة، تعود الخدمات الأساسية التي يحتاجها كل مواطن، من استخراج الأوراق الرسمية إلى المعاملات اليومية، وهذا ما يؤكد أن مؤسسة الشرطة لم تأت لتُرهب، بل جاءت لتخدم، كما هو دأبها ودورها الحقيقي في كل المجتمعات الحيّة.
إن الخرطوم، التي كانت ساحة قتال، تتحول تدريجياً إلى ساحة بناء، وهذا البناء لا يكتمل إلا بالأمن، ولا أمن بلا شرطة، ولا شرطة بلا عقيدة خالصة في خدمة الوطن والمواطن. وكل شرطي يعود اليوم إلى ميدانه، إنما يعود وفي قلبه عهد جديد أن يكون درعًا يحمي الشعب، لا سوطًا يجلده؛ وأن يكون صوت الحق، لا صدى القمع.
إننا إذ نحيي هذا الجهد الوطني الكبير، نؤكد أن الشعب السوداني – رغم الجراح – لا يزال يثق في دولته، ويريد لها أن تقوم، ويريد أن تعود الخرطوم كما كانت، بل وأفضل. وها هي وزارة الداخلية تفتح الباب أمام هذه العودة، بقيادة رجال ونساء اختاروا أن يكونوا في الصفوف الأمامية، لا هربًا من المسؤولية، بل وفاءً لها.
الشرطة في خدمة الشعب، ليس مجرد شعار، بل مسؤولية ثقيلة، ولكنها مشرفة. فليكن هذا الإعلان هو البداية الحقيقية لاستعادة الدولة، وسيادة القانون، والكرامة السودانية التي لا تنكسر. Elhakeem.1973@gmail.com

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات