الكل يتأهّب للرجوع إليكِ يا عاصمة وطنٍ ما زال ينزف… الخرطوم.
حكومةٌ تتناهب، وجيشٌ يفتّش كل شبر فيكِ، نازحٌ يخطط متى يهرع نحوك، ولاجئٌ قد قرر – بعد فراق وإعمار في ديارٍ ليست بدياركِ – كيف يعود إليكِ؟
إلى رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة،
هل ما زلنا كما كنا، دون تغيير؟
هل عند العودة تُقاس المعاملة بالمواقف؟
وهل ما زال ميزان العدل مائلًا في هذا البيت الكبير الذي يضم السيادي والشعب؟
إن الدرس، وكأنما خُصِّص للجميع، فأصبحنا داخل فصولٍ من عذابٍ سحقت أرواحنا ولم تترك لنا غير حدودٍ حتى في أحلامنا.
توجد عدالة لا تُؤجَّل،
توجد محاسبة لا تُجَزَّأ،
توجد دماء لا تتبعثر بين أحلام وفرحة رجوع،
وتوجد أقلامٌ لا تُهمِل تصحيح دروس الألم.
الكل يتأهّب إليها عاصمة وطنٍ ما زال ينزف… الخرطوم.
ألمٌ على الأرصفة، ومواقف لم تُنسَ، وذكريات موجعة في صدور العائدين.
لكننا لا نريد تشويه الصورة…
بل نُطالب بإنصاف من عاد،
وبـحفظ الجميل لأهل الولايات التي احتضنت كل وافد.
الولايات… كنوز دفينة وعواصم قائمة
خرج الناس من ديارهم، فلم يجدوا خيامًا، بل قلوبًا،
الولايات السودانية لم تكن مجرد محطات…
كانت وطنًا بكل ما فيه من دفء،
من الشمال بكل مافية من جمال اخصها ولاية نهر النيل ، من سنار إلى القضارف، من النيل الأزرق إلى البحر الأحمر…
كل ولاية عاصمة،
كل تراب هو الخرطوم،
فلا نضع سلال البيض في مكانٍ واحد،
ولا نترك ولاية تئنّ من نقص التنمية أو غياب القرار.
سيدي الرئيس
أعيدوا إعمار الولايات،
وألزموا ولاة الولايات بالنهوض بها…
فهناك ثروات مدفونة، وكنوز بشرية تنتظر إدارة تفهم أن السودان لا يُدار من مركز، بل من وطن كامل.
المرأة في ميادين الشتات
في كل بيتٍ حكاية…
امرأةٌ فقدت زوجها، وأخرى والدها، وثالثة أبناءها…
نزحت، تعثّرت، اغتُصبت، قُتل رضيعها، حاربت، وحملت السلاح،
قدّمت الشهيد تلو الشهيد، ودفعت جسدها قربانًا لتُطعم أبناءها ما تبقّى من كرامة.
هذه المرأة السودانية، حين عزّ الرجال كانت وطنًا…
بكت لتقاوم، —
نساء الوطن… بين الوافدات واللاجئات
- النساء الوافدات داخل الوطن
نزحن من أرض إلى أرض،
لكنهن لم يكنّ نازحات…
بل مواطنات في وطن واحد.
فقدن الأب، الزوج، الابن…
ووقفن على أطراف الحياة يخبزن الصبر ويوزّعن الأمل،
تعثرن في دوامة الحرب، لكن لم يسقطن.
اغتُصبت بعضهن، حُرمن من الفرح،
وجعل بنتها عروس ترتدي الطرحة
لكنهن حملن السلاح، وربّين الأبطال،
وما زلن يردّدن: الوطن أغلى.
- النساء اللاجئات من دول الجوار
هربن من جحيم لا يعرف الرحمة،
والان إلى الوطن إلى السودان بعاداتهن وثقافاتهن…
نُرحب بهن، لكننا نقول:
افهمن تراب هذا الوطن فقد تغير بعد الحرب ،
واحفظن إرث أمهاتنا…
فمن تعلّم الدرس في السودان لا يظلم،
ومن عاش المعاناة يجب أن يعمّر، لا يخرّب.
هي المرأة السودانية، التي حين عزّ الرجال كانت وطنًا…
لم تبكِ لتُبكي، بل بكت لتقاوم.
لم تصرخ لتشتكي، بل لتُنذر.
من حرمانها للسعادة، نسجت الأمل،
ومن جلدها المنهك، صنعت الدرع،
من دموعها… سقت نخلة الصمود،
فهل ترى يا رئيس مجلس السيادة، ويا قائد القوات المسلحة؟
هذه ليست مجرد “مواطنة”،
هذه أُمُّ الجيش، أختُ الشهيد، زوجة البطل، وبنت الوطن.
أعِد لها الاعتبار، فالبناء يبدأ من يدها.
مواقف موجعة في قلب الخرطوم
حدثت تجاوزات، ومواقف أدمت القلوب،
لكننا نُذكّر:
حفظ الجميل واجب،
وليس من العدل أن ننسى من فتح الباب حين أُغلقت كل الأبواب.
من قدِم إلى الولايات وهو يلفظ أنفاسه من رعب الحرب،
عليه أن يعود إلى الخرطوم باحترام، لا انتقام.
إلى جيشنا الباسل… وأجهزتنا الوطنية
كل الأجهزة يدًا واحدة :
المخابرات العامة،
الاستخبارات العسكرية،
الاحتياطي المركزي،
قوات الشرطة العسكرية،
الشرطة، وشرطة المرور…
أنتم من ردّ الجميل للشهداء،
ومن غسل الأرض بالدم والكرامة،
ومن قال للسوداني: “لسنا قطيعًا…عندما كان الهاتف قبل حرب جعلت الكل واحد ..نحن وطن.”
وإننا في هذه اللحظة لا نغفل عن جنودنا الأسرى،
رجال لا يتكررون…
منهم من لم يُهزم حتى حين أُسر،
أرواحهم ما زالت تُقاتل،
وأسماؤهم ستظل تملأ ذاكرة الأرض،
نحمل أمانة عودتهم، أو حقهم إن غابوا إلى الأبد،
هم أبطالنا، ولن نرضى أن تذبل صورهم في زوايا النسيان.
شهداؤنا… وأسرانا رجال لا يُنسَون
أبطال القصر الجمهوري،
شهداؤنا الأبرار،
وأسرانا خلف القضبان…
هم شرف هذا العلم، وذاكرة هذا الوطن،
منهم رجال لا يُكررهم الزمان،
وسيظل الشعب يذكرهم بالدعاء والفخر والمواقف.
يا فخامة القائد العام… ورئيس مجلس السيادة
الفريق أول ركن/ عبد الفتاح البرهان،
وكل أركان حربة.
هذا البيت الكبير فيه أبٌ وأبناء،
فيه من تمادى في الدلال، ومن بات في الظلال.
انصف المظلوم،
وامنح المرأة فرصة النهوض،
فهي تبني أو تهدم،
وهي التي إن أعطيتها مشروعًا، أعادت بناء بيتٍ بأكمله.
طهّر البيت من الأقنعة،
واجعل من كل ولاية قلبًا نابضًا،
ولا تنسَ أن الشعب معك… تفويض كامل إن أردت بناء السودان الحقيقي.
الاستفتاء الشعبي… غربلة الأحزاب الزائفة
آن الأوان…
نضع كل حزب تحت المجهر،
نسأل الشعب: من يمثلكم؟ من خدعكم؟ من كان معكم حين احتاج الوطن كلمة حق؟
نريد الأحزاب التي خرجت من رحم المعاناة،
لا من جيوب النخب المتسلقة.
سياسيّو المال والمناصب الزائفة
أنتم غربانُ شؤمٍ ترقبون السقوط لتنهنشوا،
باعوا تراب الوطن مقابل حُفنة دولارات،
وابتلعوا المناصب الزائفة التي لا تُطعم جائعًا.
انكشفت الأقنعة، وزهقت أصواتكم،
جاء وقت الاستفتاء الحقيقي:
أيُّ حزبٍ يعبّرُ عن نبض الشارع؟
وأيُّ واجهةٍ كانت مجرد قناعٍ يرمونه مع أول امتحان؟
والبقية فلترحل بصمت، فوطننا أكبر من أوهامهم.
فاشر السلطان… نرفض خيام الذل داخل وطننا
لا نريد نازحين داخل السودان،
لا خيامًا تُهين من عاش في أرضه.
الكرامة لا تُجزأ،
ومن نزح إلى فاشر السلطان،
هو مواطن في وطن،
لا يُسمى نازحًا، بل ابن الدار، وساكن الحق.
وأخيرًا سيدي الرئيس ،
قلب الوطن بين يديك،
فطَهّر بيت السودان الكبير من دنس الانتهازيين،
واحذر من “الابن المُدلل”،
فالعدل ليس حِكرًا على فئة،
بل حقٌّ للنساء، للشهداء، للنازحين، للجنود، وللشعب كله.
دعنا نعيد ترتيب هذا الوطن،
لا على أساس حزب أو قبيلة،
بل على أساس مَن خدم ومَن خان،
والمجهر جاهز… والمحاسبة قادمة
سلام وأمان… فالعدل ميزان.