منذ اندلاع التمرد ونشوب الحرب على الدولة السودانية منتصف أبريل من السنة قبل الماضية سطرت القوات المسلحة ملاحم سظل محفورة في ذاكرة الوطن وسجلات الشرف الباذخ وماحدا بي للكتابة مجدداً عن معركة الكرامة وأبطالها أمران أولهما مشهد التقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام الفريق أول البرهان بالعميد ركن أسامة محمد الحسن الذي أصيب في يده التي التوت لافتقاره العلاج والرعاية الطبية وظل مرابطاً مجاهداً في موقعه لما يقارب عامين في مشهد يذكرنا بمؤتة وجعفر الطيار.وجاء اللقاء بعد تطهير القيادة العامة واختلطت فيه الدموع بالدماء.
وثانيهما خبر استشهاد النقيب طيار حربي مازن حولي الذي استبسل داخل طائرته التي سقطت في منطقة الكباشي شمالي الخرطوم وبعد سنة ونصف حررها الجيش ودخلها وجمع رفاته وتم دفنه في مقبرة القاعدة الجوية بوادي سيدنا.
فمعركة الكرامة ومنذ الوهلة الأولى كان الصمود وإفشال المخطط الإجرامي بهبة قوات الحرس الجمهوري الذين أجهضوا مخطط إسقاط الدولة عن طريق الغدر برئيس مجلس السيادة القائد العام فاستبسلوا ومعهم القائد العام وأفلحوا في صد القوة الغاشمة رغم فارق القوة عدداً وعتادا.
ثم سطرت مروي والفرقة (19) الصفحة الثانية في كتاب التضحية والفداء ودحر الغزاة وإجهاض محاولةالاستيلاء على مطارها واستنساخ التجربة الليبية كما في بنغازي.
ولو عرجنا على رصد ثبات ومجاهدات القوات المسلحة في كل المواقع والجبهات كما في الصمود الأسطوري لسلاح المدرعات أو والفرق والألوية إن في نيالا،الجنينة،بابنوسة..وانتهاء بالفاشر التي لاتزال عصية أبية تصد موجات التتار.ولو دلفنا لقوائم الشرف من الشهداء الجرحى والمفقودين وقصصهم ومشاهد ارتقائهم فإن الأمر يحتاج لمجلدات.عزاؤنا أن هناك من يرصد ويوثق في تلكم المؤسسات النظامية إن في الجيش أو جهاز الأمن والمخابرات والشرطة والمقاومة الشعبية.
والوطن يتعافى من ويلات التمرد وشرورهم لابد من تحية مقرونة بالشكر والتقدير لهذا الشعب الأبي الذي قدم وفقد أعز مايملك صابراً محتسبا رافضاً الذل والاستسلام مقدماً كرامة الوطن وتطهير ترابه من دنس المليشيا على ما أصابه من تقتيل وتهجير وإفقار وتدمير ممنهج.إن دعم المواطنين والتحامهم مع جيش البلاد والقوات النظامية واستجابتهم لنداء الوطن والاستنفار بالمال والأنفس لهو مؤشر على وعيهم وحبهم ووطنيتهم.
فليذكر التأريخ أبطالاً لنا وليوثق لمعركة الكرامة التي هي بمثابة الاستقلال الثاني للبلاد كون العدو أكثر خطورة ولأن التمرد انطلق من الداخل وتحصن في منازل المواطنين وتخندق في المرافق الحيوية مستهدفا الدولة والمجتمع على السواء ومسنود بمدد من الخارج..لكن إرادة الشعب والدولة كانت أقوى من أن تقهر ومكر أولئك هو يبور.