في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي تمر بها البلاد عقب الحرب، وما ترتب عليها من أوضاع استثنائية أثرت على مؤسسات الرعاية الاجتماعية، تبذل وزارة التنمية الاجتماعية جهوداً كبيرة لإعادة ترتيب أوضاع دور الإيواء والأسر البديلة، وضمان استمرار الخدمات للأطفال والمسنين وذوي الإعاقة.
وللوقوف على واقع العمل الميداني والخطط المستقبلية، أجرينا هذا الحوار مع الأستاذة إخلاص أحمد المقبول، مدير الإدارة العامة للرعاية الاجتماعية بوزارة التنمية الاجتماعية، التي تحدثت بصراحة عن حجم الدمار الذي طال دور الإيواء، وترتيبات إعادتهم إلى الخرطوم، وخطط الوزارة لجمع المشردين وتأهيل الشباب، إلى جانب رؤية جديدة لتطوير مؤسسات الرعاية وفق المعايير العالمية.
بدايةً، حدثينا عن أوضاع الدور الإيوائية في ظل الظروف التي مرت بها البلاد خلال الحرب؟
الدور الإيوائية حالياً توجد خارج ولاية الخرطوم. خلال الحرب قمنا بحصر النزلاء ونقلهم أولاً إلى ولاية الجزيرة، وبعد دخول المليشيا إلى مدينة ود مدني تم نقلهم مرة أخرى إلى وادي حلفا، ومن ثم إلى ولاية كسلا، حيث استقروا أخيراً في مبنى هناك.
يضم المبنى الآن 10 من الأمهات، و10 من الفتيات ذوات الإعاقة، بالإضافة إلى 36 طفلاً من ذوي الإعاقة، وعدد منهم مرضى لم يتم تبنيهم بعد. كما تم تبني أكثر من 200 طفل وطفلة في ولايات شرق السودان.
قبل الحرب كان عدد المقيمين في الدور الإيوائية 450 شخصاً، لكن بعضهم توفي أثناء عمليات النقل إلى مدني، بينما تم تبني آخرين في ولايات الشرق.
وماذا عن أوضاع المسنين؟
المسنون من الرجال يتواجدون حالياً في مدينة شندي في مبنى يتبع لجامعة شندي، برفقة مدير الدار، وعددهم حوالي 20 مسناً.
مؤخراً طالبت الجامعة بإخلاء المبنى، ونعمل حالياً على معالجة هذا الوضع بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة.
نعد تقارير شهرية حول أوضاع جميع المقيمين في الدور الإيوائية لمتابعة احتياجاتهم الصحية والمعيشية.
هناك حديث عن إلغاء دور الإيواء، ما مدى صحة ذلك؟
: هذا غير صحيح تماماً. خلال اجتماع السيد والي الخرطوم مع الوزارة، أكد بوضوح أنه لن يتم إلغاء دور الإيواء، بل ستعود برؤية جديدة وعالمية تضمن تقنين أوضاع الأطفال وتخفيف الظواهر السالبة.
حالياً يجري العمل على تهيئة المباني تمهيداً لإعادة الأطفال المعاقين إلى ولاية الخرطوم في بيئة أكثر أمناً وتنظيماً.
ما آخر التطورات في صيانة الدور الإيوائية داخل الخرطوم؟
تم تكوين لجنة تضم عدداً من المهندسين لمتابعة أعمال صيانة دور الإيواء: طيبة، المايقوما، والضو حجوج.
العمل يسير بشكل جيد ومن المتوقع أن يكتمل مطلع العام القادم.
لكن التحديات كبيرة؛ فبعض الدور مثل المدينة الاجتماعية بطيبة وجامعة إفريقيا كانت مقراً لمليشيات الدعم السريع، وتعرضت لتدمير كامل في الأثاثات ومرافق المياه والكهرباء.
اللجنة زارت المواقع ورفعت تقريراً فنياً نهائياً للسيد الوالي حول حجم الدمار واحتياجات الصيانة.
ماذا عن وضع الأسر البديلة؟
: لدينا حالياً 250 أسرة بديلة تحت كفالات دائمة، ترعى عدداً من الأطفال. وتقوم الوزارة بدعم هذه الأسر في التعليم والصحة والمعيشة.
لكن للأسف، تم إيقاف مرتباتهم طيلة العامين الماضيين، وقد قمنا بطباعة خطابات رسمية لتصديق المرتبات واستئناف الصرف قريباً بإذن الله.
وماذا عن خطة الوزارة لجمع المشردين من الشوارع؟
عقدنا ثلاثة اجتماعات خاصة بملف التسول والتشرد. وبتوجيه من والي الخرطوم الأسبوع الماضي، سيتم عقد ورشة عمل الأسبوع القادم لمتابعة خطة جمع المشردين.
تم تحديد المدينة الاجتماعية بجامعة إفريقيا لتكون مركز التجميع، وسيتم التنفيذ عبر باحثين اجتماعيين في محليات الولاية السبع، إضافةً إلى شرطة أمن المجتمع والجهات الأمنية الأخرى.
الجهات الأمنية بدأت فعلاً بجمع المشردين وإبعادهم عن المناطق التجارية.
هل هناك خطط لتأهيل الشباب المشردين أو المحتاجين؟
نعم، لدينا خطة متكاملة لمشروعات حرفية تستوعب الشباب وتوفر لهم التدريب الفني والتسويق، مع توزيع أكشاك لأصحاب المهن الحرفية الصغيرة، لتكون خطوة نحو إعادة دمجهم في المجتمع.
ما أبرز ملامح خطة الوزارة لتطوير الإيواء مستقبلاً؟
الخطة تركز على جمع الشمل مع الأسر ودمج الأطفال في المجتمع بدلاً من عزلهم.
كما نعمل على تغيير نمط الدور لتتوافق مع المعايير العالمية، وقد تم توجيه بتغيير اسم دار المايقوما إلى دار الطفل اليتيم.
وفيما يتعلق بالتبني، ستكون البداية من المستشفيات عبر مكاتب خاصة بالوزارة، يتواجد فيها باحثون اجتماعيون يتولون الإجراءات بسرية تامة واحترام كامل لحقوق الطفل.
ونحن نناشد المنظمات الوقوف معنا في هذه المرحلة الحساسة عبر توفير المعينات والدعم الفني والإنساني.
