..
تتقدم العقول الشابة والطاقات المتدفقة في لحظة تاريخية فارقة، لتضع بصمتها في طريق عودة الحياة إلى عاصمة البلاد الخرطوم، عبر مبادرة رائدة يقودها الصندوق القومي لدعم الطلاب إعماراً للمدن السكنية للطلاب. فهذه الخطوة لم تكن مشروعا إنشائيا أو برنامجا خدميا، بل هي رسالة وطنية عميقة المعنى، تؤكد أن الشباب هم الأحق ببناء الوطن لأنهم مستقبله، وهم الذين يحملون لواء نهوض من بعد كبوته والحرب المفروضة عليه..
لقد علّمتنا التجارب أن الأوطان لا تُبنى بالحجارة والإسمنت وحدها، وإنما تُبنى أولاً بالعزائم الصلبة والإرادات المؤمنة. من هنا تكتسب هذه المبادرة أهميتها الاستثنائية، فهي تمثل إسهاماً مباشراً من الطلاب في مشروع وطني أكبر، هو عودة مؤسسات الدولة والمواطنين إلى ولاية الخرطوم، بما يعيد للعاصمة نبضها الطبيعي ودورها المركزي في حياة السودان.
إن إعمار المدن السكنية للطلاب، في هذه المرحلة الحرجة، هو بمثابة تأسيس جديد لمرحلة الوعي بالمسؤولية الوطنية. إنه تجسيد عملي لشعار: “رد الجميل للوطن”. فالوطن الذي قدّم لنا العلم والمعرفة والمأوى، يستحق أن نرد له الوفاء بالعمل الجاد والمبادرات الخلّاقة.
ولا شك أن هذا الجهد الطلابي هو نداء مفتوح لكل المؤسسات والقطاعات أن توحدوا واتحدوا، والتقوا جميعاً عند كلمة سواء، فالمعركة اليوم لم تعد معركة بقاء فحسب، بل معركة بناء وازدهار.
ولعل أجمل ما في هذه المبادرة أنها تعكس روح الشباب، ذلك النهر المتدفق الذي لا يعرف اليأس ولا يركن إلى التردد. فالشباب هم طاقة التجديد، وهم الجسر الذي تعبر عليه الأمة إلى مستقبلها. وما أعظم أن يبدأوا هذا المستقبل من داخل مدنهم السكنية فهي محاضن العلم وإشعاع الثقافة وانموذج العشرة الجميلة ، ليجعلوامن هذه الداخليات منارات للعزيمة والوعي والإبداع.
إن ما يفعله طلاب السودان اليوم عبر هذه المبادرة تجاوز إعمار المباني، إلى إعمار الروح الوطنية، وإحياء للأمل الجمعي، وإطلاق لرسالة مفادها أن السودان يُبنى بسواعد أبنائه، وأن كل خطوة في طريق العودة هي تمهيد لطريق النهضة الكبرى المنتظرة والمستحقة..
فليكن هذا العمل الطلابي فاتحة خير، وبداية مرحلة جديدة تُكتب بمداد الشباب، وتُبنى بعرقهم، وتُزيَّن بروحهم الوثابة. فالوطن لا ينتظر غيرهم، ولا يليق بغيرهم أن يكونوا صانعيه. تحية وإحتراما صندوق دعم الطلاب.. elhakeem.1973@gmail.com
صندوق دعم الطلاب.. رد الجميل للوطن.. بقلم/ د. إسماعيل الحكيم
