السبت, يونيو 21, 2025
الرئيسيةمقالات"متى تعود الخرطوم؟ (2)" بقلم ؛ مصطفى...

“متى تعود الخرطوم؟ (2)” بقلم ؛ مصطفى عبيدالله

في خضمّ هذا الضجيج السياسي والإعلامي الذي ملأ فضاءنا السوداني، نكاد ننسى أن الخرطوم ما تزال مدينة منكوبة، تتشح بالخراب، تشكو من العطش، ومن العتمة، ومن غياب الحياة. يتبارى الساسة، والصحفيون، والناشطون في تتبّع تفاصيل تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس، وكأن معركة الوطن تتلخّص في مقاعد الوزراء وأسمائهم! إن أي مسؤول، بمن فيهم كامل إدريس، إنما هو مُكلف بمهمة في ظرف استثنائي عسير، فإن أحسن فله شكر الناس، وإن عجز فله حق المغادرة غير مأسوف عليه، فالأبواب مفتوحة، وما بين التكليف والرحيل هناك فرصة للحكم على الأفعال لا على النوايا. فدعوه يعمل ودعونا نُحسن مراقبة النتائج لا أن ننشغل بالمعارك في غير ساحها.
الناس اليوم، في أم درمان، في بحري، في شرق النيل، في جبل أولياء، في كل أحياء الخرطوم التي صارت رموزاً للخراب والوحشة، لا يبحثون عن وجوه وزارية، بل يتطلعون إلى ماء نظيف، تيار كهربائي، مستشفى يفتح أبوابه، مركز خدمة يعمل، شارع آمن يُعيد إليهم شيئاً من الطمأنينة أليس من الأجدر أن تُكرّس جهودنا، نحن ساسة وإعلاميين وناشطين، في قيادة مبادرات مجتمعية حقيقية تزرع الأمل وتعيد الحياة؟ أليس هذا هو المعترك الحقيقي الذي ينتظره الناس؟ انظروا إلى تجارب الشعوب التي مرت بالكوارث والحروب… اقرأوا جيداً من كتاب الروانديين، الذين استطاعوا بفضل التماسك المجتمعي والالتفاف حول الهدف الوطني أن يعيدوا بناء وطنٍ كان يوماً أشبه بالجحيم إن معركتنا اليوم ليست معركة مقاعد وزارية، ولا انتصاراً لجهة، أو حزب، أو قبيلة…
إنها معركة بناء وطن اسمه السودان، وطن يتّسع لجميع بنيه، بلا إقصاء، ولا تمييز، ولا ترهيب أيها الساسة والناشطون… أتركوا شأن تشكيل الحكومة لوقته، وضعوا الأمل والعمل في مبادرات تعيد الخدمات الأساسية، تبني جسور الثقة، وترمّم ما تصدع في نسيج هذا المجتمع.
“متى تعود الخرطوم؟”
سؤال لن تجيب عليه البيانات السياسية ولا الصراعات الإعلامية… بل ستجيب عليه جهود المجتمع عندما تتّحد، وعقول مخلصة حين تعمل، وقلوب حين تنبض بالوطن لا بالولاءات الضيقة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات